تصعيد نووي أم مناورة تفاوضية؟ حامد محمود - رئيس وحدة الدراسات الإيرانية يشرح أبعاد التوتر المتصاعد بين إيران والغرب

في ظل التوترات المتزايدة بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية، وما تبعها من قرارات وتصريحات متبادلة، تتجه الأنظار إلى مستقبل الملف النووي الإيراني، وإمكانية اندلاع مواجهة جديدة في منطقة الخليج، خاصة مع تهديدات طهران باستهداف القواعد العسكرية الأمريكية المنتشرة في المنطقة.
في هذا السياق، أجري موقع " باور بريس " حوارًا مع حامد محمود رئيس وحدة الدراسات الايرانية بمركز العرب للدراسات السياسية لفهم أبعاد هذا التصعيد وتداعياته الإقليمية والدولية.
س: بداية كيف تقيّمون المشهد الحالي في منطقة الشرق الأوسط لا سيما التصعيد الأخير بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية؟
يمكن توصيف المشهد الحالي في الشرق الأوسط بأن الأمور بين طهران وواشنطن انتقلت من مرحلة استخدام أدوات الضغط المتبادل في سياق التفاوض، إلى الدخول في مرحلة حاسمة إما التوصل إلى اتفاق شامل يحقق أهداف ورغبات الرئيس الأمريكي جو بايدن أو الانصياع لرغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في القيام بعملية عسكرية مشتركة أمريكية-إسرائيلية لضرب المنشآت النووية الإيرانية.
س: هل ترون أن لهذا التصعيد خلفيات سياسية؟ وما دلالات القرار الصادر عن الوكالة الذرية؟
بكل تأكيد، التصعيد له خلفيات سياسية واضحة. فالوكالة الدولية للطاقة الذرية تُستخدم كورقة ضغط أمريكية وأوروبية تم تأجيلها عمدًا لتُستخدم في هذه المرحلة. على الرغم من أن الوكالة تمارس مراقبة مباشرة على المنشآت النووية الإيرانية وأن مديرها رافائيل غروسي التقى مؤخرًا بالوزير الإيراني في القاهرة، فإن توقيت صدور القرار ومعارضة 11 دولة له وامتناع 3، يُشير بوضوح إلى طبيعته السياسية أكثر من كونه فنيًا.
س: إيران أعلنت عن نيتها بناء منشأة جديدة للتخصيب.. هل هو رد فني أم تهديد سياسي؟
إعلان إيران يأتي في إطار المساومات السياسية وحرب التهديدات المتبادلة. فقبل هذا الإعلان أصدرت الوكالة الدولية تقريرًا أفاد بوصول نسبة التخصيب الإيرانية إلى 60%، وهو مستوى خطير. الإعلان أيضًا جاء بضغوط من الجناح المتشدد داخل النظام الإيراني ما يعكس توجهًا نحو التصعيد أكثر من التهدئة.
س: برأيكم، هل تهديدات إيران باستهداف القواعد الأمريكية في الخليج جدية؟ وهل لها سوابق في تنفيذ مثل هذه التهديدات؟
نعم، إيران تمتلك إدارة تفاوضية قوية سياسيًا وتقنيًا، لكنها أيضًا أثبتت قدرتها على تنفيذ تهديداتها استهداف قاعدة "عين الأسد" الأمريكية في العراق بعد اغتيال قاسم سليماني مثال واضح كذلك هناك تهديدات مباشرة من الميليشيات الموالية لإيران في العراق إلى جانب الحوثيين الذين سبق وأن استهدفوا منشآت نفطية في السعودية والإمارات كل ذلك يعزز من جدية التهديدات الإيرانية.
س: ما هي أبرز القواعد العسكرية الأمريكية في الخليج التي قد تكون ضمن بنك أهداف إيران؟
الخريطة توضح انتشارًا كثيفًا للقواعد الأمريكية في الخليج، أبرزها:
قاعدة السالم في الكويت
قاعدة العديد في قطر (الأكبر في المنطقة)
قاعدة سلطان بالسعودية
قاعدة الظفرة بالإمارات
قاعدة المحرق في البحرين، حيث قيادة الأسطول الخامس الأمريكي
ثلاث قواعد عسكرية في سلطنة عُمان
جميعها تقع ضمن مدى الصواريخ الإيرانية بما فيها صواريخ "الفاتح" (طويل المدى - 4000 كم)، و"قادر" (قصير المدى - 300 كم)، إلى جانب الصواريخ الفرط صوتية الدقيقة.
س: ما هو الموقف المتوقع من دول الخليج في حال تصاعد التوتر؟
الوضع دقيق جدًا ودول الخليج تحبس أنفاسها أي تصعيد حقيقي قد يُحوّل المنطقة إلى كرات لهب لذا، فإن الجميع ينتظر نتائج اللقاء المرتقب في سلطنة عُمان يوم الأحد المقبل بين مستشار الرئيس الأمريكي ووزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي والذي سيكون حاسمًا في تحديد اتجاه الأمور نحو مفاوضات جديدة أم تصعيد عسكري مباشر.
س: في ضوء المعطيات الحالية ما السيناريو الأقرب خلال المرحلة المقبلة؟ تهدئة مشروطة أم مواجهة؟
نحن أمام لعبة شد وجذب، وإسرائيل تسعى إلى إشعال المنطقة والدفع نحو مواجهة. لكن اللقاءات الدبلوماسية المرتقبة قد تفتح نافذة أمل نحو التهدئة في النهاية تظل كل السيناريوهات مفتوحة والقرار سيتحدد خلال الأيام القليلة المقبلة.