باور بريس

ضربة في عمق الغاز الإيراني:

بارس الجنوبي تحت النيران.. فهل فتحت إسرائيل جبهة الطاقة في الشرق الأوسط؟

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

في تطور لافت وغير مسبوق، أعلنت وزارة النفط الإيرانية، صباح السبت، أن حقل "بارس الجنوبي" العملاق للغاز قد تعرض لضربة مباشرة، يُرجح أن تكون إسرائيل وراءها، ما أدى إلى اندلاع حريق مؤقت وتوقف الإنتاج في المرحلة 14 من الحقل، بمعدل 12 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.

رغم سرعة السيطرة على الحريق، فإن الرسائل المشتعلة التي حملتها الضربة لا تزال تتردد في الأوساط السياسية والاقتصادية داخل إيران وخارجها، في وقت يزداد فيه توتر المشهد الإقليمي على وقع الصراع الإسرائيلي – الإيراني المتصاعدة

 حقل بارس الجنوبي.. شريان الغاز الإيراني

"بارس الجنوبي" ليس مجرد حقل غاز، بل هو الرئة التي يتنفس بها الاقتصاد الإيراني.
يقع هذا الحقل الضخم في قلب الخليج، وتتقاسمه إيران مع قطر، التي تسمي جانبها من الحقل بـ"حقل الشمال". وتبلغ مساحته الإجمالية نحو 9700 كيلومتر مربع، منها 3700 كم² داخل الحدود البحرية الإيرانية.

تشير التقديرات إلى أن الحقل يحتوي على أكثر من 14 تريليون متر مكعب من الغاز الطبيعي، وقرابة 18 مليار برميل من مكثفات الغاز، وهو ما يجعله أكبر حقل غاز منفرد في العالم.

وحده هذا الحقل يُغطي أكثر من 70% من احتياجات إيران المحلية من الغاز، كما يمثل ركيزة أساسية في خطط طهران المستقبلية لتصدير الغاز نحو آسيا وأوروبا.

 لماذا الاستهداف الآن؟

الاستهداف لا يبدو منفصلًا عن المشهد الإقليمي المشتعل. فمع تصاعد العمليات الإسرائيلية ضد النفوذ الإيراني في سوريا ولبنان والعراق، ومع استمرار الاتهامات الموجهة لطهران بدعم فصائل مسلحة، يبدو أن تل أبيب تنقل رسائلها الآن إلى ما هو أبعد من الميدان العسكري.. إلى قلب الطاقة الإيرانية.

استهداف منشأة استراتيجية بهذا الحجم يشكّل سابقة مقلقة، ليس فقط لإيران، بل لسوق الغاز العالمي برمته، وسط ترقب دولي لأي اضطراب جديد في سلاسل الإمداد، خاصة في منطقة الخليج التي تمثل أحد أكبر منابع الطاقة عالميًا.

 الرسائل الثلاث خلف الضربة

القراءة الأولية للمشهد تُظهر أن الضربة تحمل ثلاث رسائل مركزية:

ردع إيران في عمقها الاستراتيجي دون الحاجة لخوض حرب مفتوحة.

إثارة القلق في أسواق الطاقة، في لحظة بالغة الحساسية عالميًا.

اختبار قدرة طهران على احتواء التصعيد دون التصعيد المضاد المباشر.

 هل تتجه المنطقة نحو "حرب غاز"؟

بينما تلتزم طهران حتى الآن بضبط النفس إعلاميًا، فإن استمرار هذا النوع من الاستهدافات قد يفتح الباب أمام ردود غير تقليدية.
كما أن تكرار الهجمات على منشآت الطاقة في الخليج، سواء كانت إيرانية أو خليجية، ينذر بإمكانية تحول الصراع السياسي والعسكري إلى صراع طاقي قد يعيد رسم خريطة الإمدادات عالميًا.

 

الضربة التي استهدفت حقل بارس الجنوبي ليست فقط هجومًا على منشأة طاقة، بل رسالة سياسية مشفّرة بالنار، في لحظة يزداد فيها اشتعال المنطقة. وبين حسابات الرد والحسابات الاقتصادية، يقف العالم مترقبًا: هل تكون هذه الشرارة بداية لعصر جديد من حروب الطاقة في الشرق الأوسط؟