منيرة محمود تكتب : في زمن القواعد والولاءات.. مصر وحدها تقف على أرضها

في خضم الأحداث المشتعلة التي تهزّ المنطقة من الخليج إلى غزة ومن البحر الأحمر إلى مضيق هرمز تظهر مصر كالعادة مختلفة… ثابتة… وحيدة في تمسكها باستقلالها الكامل لا قواعد أجنبية على أراضيها لا خضوع لابتزاز سياسي أو عسكري ولا تراجع عن المبادئ.
مصر اليوم كما كانت دومً الدولة العربية الوحيدة في الشرق الأوسط التي لم تسمح بوجود قاعدة عسكرية أجنبية واحدة لا برضاها ولا غصبًا عنها.
ليست تلك مجرد حقيقة جغرافية بل عنوان لسيادة وطنية دفعت مصر ثمنها من دماء أبنائها واحتفظت بها رغم الحصار والتضييق والمغريات والتهديدات.
في وقت اختارت فيه بعض الدول الإقليمية الانخراط في تحالفات ومحاور دولية تتصارع على النفوذ في المنطقة احتفظت مصر بمسافة واحدة من الجميع لا تحارب بالوكالة ولا تتآمر على الأنظمة ولا تسعى لإسقاط أحد ولا تفتح أبوابها أمام أجندات مرتهنة لمصالح دول كبرى.
ومع تصاعد التهديدات في مضيق هرمز بعد الضربات الأميركية والإسرائيلية ضد إيران وتحوّل الممرات الملاحية إلى ساحات اشتباك تبقى قناة السويس نموذجًا مغايرًا: ممر دولي محمي لا يُستغل في مغامرات ولا يُفتح مجانًا لأحد ومن أراد عبوره فعليه أن يحترم سيادة مصر ويدفع الثمن بينما هناك من جرّ على نفسه القصف بالتورط في صراعات أكبر منه.
ليس هذا فقط بل مصر التي تعاني ظروفًا اقتصادية قاسية لم تُقفل أبوابها يومًا في وجه لاجئ لم تساوم بقضية نازح لم تتاجر بمعاناة الهاربين من الحروب بل استقبلت السوري والفلسطيني والسوداني واليمني، واحتضنتهم كما تحتضن أبناءها دون معسكرات ولا مقايضات سياسية.
وحتى في أكثر اللحظات ظلمة ظلت مصر تقول "لا" بصوتٍ عالٍ سواء لصفقات التهجير أو لتصفية القضية الفلسطينية أو لمحاولات التسلل عبر سيناء أو التطاول على أمنها القومي.
يقول السادات في خطابه الشهير بعد نصر أكتوبر: "ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة."
وهكذا هي مصر دومًا تنزف بصمت لكنها لا تركع.
في زمن الاصطفاف والارتهان والبيع العلني للمواقف تبقى مصر هي الكلمة الصعبة والدولة التي تعرف متى تقول "لا" وتحمي قرارها وتصون كرامتها.
تحيا مصر… بجيشها وشعبها وقرارها الحر.