باور بريس

حكايتي مع الزمان - بقلم عبدالفتاح موسى

باور بريس

 

تمرّ الأيام علينا كأنها لا تُبالي… تسحبنا من لحظة لأخرى، من فرحٍ مؤقت إلى وجعٍ مباغت، من ضحكةٍ عالية إلى صمتٍ عميق.
كبرنا… دون أن نشعر أننا كبرنا.
مضى العمر، وترك فينا أثر كل محطة، وكل شخص عبر قلوبنا، وكل وداعٍ لم نستعد له.

في كل مرحلة من حياتي كنت أظن أنني فهمت الدنيا…
ثم أفاجأ أنها ما زالت تُخبئ لي دروسًا جديدة، ودموعًا لم تذرف بعد، وغيابات لم أتخيّلها.
ظننتُ أن الحب يدوم، وأن من أحببناهم سيبقون…
لكن الزمان قال لي: “ليس كل من تحبه تُمهلك الحياة لتخبره كم تحبه.”

كم مرة ضحكنا بصدق… وقلنا: “هفضل فاكر اللحظة دي طول عمري” ثم اختفت اللحظة، واختفى من ضحكوا معنا، وبقيَ في القلب فراغ لا يُملأ.
كم مرة خاصمنا من نحب، ظنًّا أن هناك وقتًا للاعتذار…
ثم جاءت لحظته… أو لحظتنا، وانتهى كل شيء.

تعلمت من الزمان أن الحياة لا تنتظر أحدًا،
وأن العمر… مجرد لحظة.
وأنا لحظة، وأنت لحظة، وكل من نحب… لحظات تمضي ولا تعود.

ليست هذه حكايتي وحدي، 
بل حكاية كل قلب تأذى من الدنيا ، 
كل عين بكت دون أن تُرى، 
كل حب لم يُكتمل، 
وكل وداع جاء دون مقدمات.

فيا أيها اللحظة …
لا تؤجّل كلمة حب، ولا تؤخّر حضنًا، ولا تنتظر توقيتًا مناسبًا لتصالح،
فالتوقيت الأنسب قد يكون الآن… وقد لا يأتي أبدًا.

اسعد من حولك ولو بكلمة،
اترك أثرًا في قلب من تحب،
افتح النوافذ… حتى لو كان الهواء باردًا،
عِش يومك… حتى لو كان العالم مليئًا بالخذلان.

وإن سألك الزمان يومًا:
“ما الذي تعلمته منّي؟”
فقل له:
“تعلمت أن لا أركن على أحد، ولا أؤجّل شيئًا، ولا أراهن على الغد… تعلمت أن أُقبّل مَن أحب اليوم، فقد لا أراه غدًا.”

تعلمت أن السعادة لا تُؤجَّل،
وأنّ أجمل اللحظات قد لا تتكرر،
وأنّ كل من نحبهم… ليسوا دائمين، بل عابرون، وإن طال البقاء.

تعلمت أن العمر ليس ما نحياه… بل ما نمنحه،
وأن القيمة الحقيقية لأي لحظة، ليست بطولها، بل بصدقها.

وفي النهاية، إن كان لي أمنية أخيرة … فليتها تكون:
ألا أرحل وفي قلب من أحبني شيءٌ لم أُصلحه… ولا يرحل أحدهم قبل أن أقول له: “كنت نعمةً في حياتي.”