باور بريس

حوار خاص لـ "باور بريس" مع د. أيمن الرقّب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس

غزة تحت المجهر.. باوَر بريس ترصد المشهد بعد قرار الاحتلال

باور بريس

في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق أعلن الكابينت الإسرائيلي قراره باحتلال قطاع غزة بالكامل في تطور يعيد رسم مشهد الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي ويفتح الباب أمام تداعيات سياسية وإنسانية خطيرة. القرار أثار رفضًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية والعربية لما يحمله من تهديد مباشر بتهجير سكان القطاع وفرض واقع جديد على الأرض.

وفي ظل هذه التطورات برز الموقف المصري الواضح والثابت في دعم الحقوق الفلسطينية ورفض التهجير منذ اليوم الأول وكما قال د. أيمن الرقّب في حواره مع "باور بريس"، فإن "مصر منذ البداية دافعت عن الفلسطينيين ولم تتركنا لقمة للاحتلال لكي يتفرد بنا" مؤكّدًا أن القاهرة لعبت دورًا متقدمًا في جميع المحافل وسعت لإدخال المساعدات رغم القيود الإسرائيلية.

في هذا الحوار يشرح د. الرقّب تفاصيل وأهداف القرار الإسرائيلي، وقراءته للمشهد الفلسطيني في ضوء هذا التصعيد إضافة إلى رؤيته لدور مصر والمجتمع الدولي.

 كيف تفسرون قرار الكابينت الإسرائيلي الأخير باحتلال قطاع غزة بالكامل؟ وما الأهداف الحقيقية التي تقف وراءه؟

نحن نتابع منذ ساعات الفجر قرارات الكابينت التي لا تختلف عن أهداف سابقة تحدث عنها نتنياهو وحكومته وهي تجريد حماس من السلاح، والسيطرة الأمنية على غزة وإطلاق سراح المحتجزين ثم الحديث عن ميلاد نظام سياسي جديد بعيدًا عن السلطة وحماس يحكم غزة هذه أهداف قديمة لم يحقق منها نتنياهو شيئًا واليوم يعيد طرحها بنفس المنهج الخطير، وهو احتلال غزة لكنه لا يعلن عن الاحتلال بشكل مباشر لتجنب المساءلة القانونية، لأن احتلال غزة يعني تحمّل أعباء قانونية دولية من مأكل ومشرب ومسكن وفرص عمل للسكان.

نتنياهو ما زال يفكر في تهجير سكان غزة جنوبًا لكن المخطط توسّع ليضغط على مليوني فلسطيني في مساحة لا تتجاوز 10% من غزة أي نحو 36 كيلومترًا في دير البلح والمناطق الوسطى وخان يونس تمهيدًا للمرحلة الثانية بإنشاء معسكر اعتقال كبير في رفح من هناك لن يخرج أحد إلا إذا غادر فلسطين نهائيًا.

 ما هي التداعيات المحتملة لهذا القرار على مستقبل القضية الفلسطينية وعلى الوضع الميداني في غزة؟

 على صعيد غزة التهجير هو المخطط الأساسي أما على مستوى القضية الفلسطينية فإن نجاح الاحتلال في غزة يعني تكرار المشهد في الضفة الغربية لأنهم لا يميلون للحل السلمي ولا يؤمنون بحل الدولتين أو بحق الشعب الفلسطيني هم يعتقدون أن هذا انتصار لكن هذا احتلال غبي لم يتعلم من تجارب الماضي حتى لو هاجر نصف السكان سيبقى النصف الآخر شوكة في حلق الاحتلال.

الوضع سيتوقف على ما سيحدث ميدانيًا إذا تمكنت المقاومة من إيلام الاحتلال فسيسعى للتوصل إلى اتفاق لكن إذا انهارت فسيواصل مخططاته ما نراه اليوم ليس فقط ضغطًا على حماس بل دعمًا لميليشيات مرتبطة بإسرائيل في رفح يعتقد نتنياهو أنها قادرة على حكم غزة تحت مظلته.

 هل ترون أن هذا القرار يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع؟

 بالتأكيد هذا القرار سيدفع الرئيس أبو مازن لاتخاذ خطوات قد تشمل إعلان قيام دولة فلسطين في سبتمبر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وهو ما يعني تصعيدًا مباشرًا الاحتلال أيضًا يسعى لضم مناطق من الضفة الغربية ما قد يفتح جبهات مواجهة جديدة.

إلى أي مدى يمكن أن يشكل القرار خرقًا للقوانين الدولية والاتفاقيات السابقة؟

الاحتلال منذ سنوات ينقلب على الاتفاقيات الدولية ونتنياهو منذ 1996 أعلن أنه أسقط أوسلو ويعارض حل الدولتين ما يقوم به الآن يخالف اتفاقيات جنيف الرابعة وكل الأعراف الدولية لكن بدعم أمريكي كامل يشعر بأنه فوق القانون ويطبّق منطق الغابة الذي يحكمه الأقوياء.

كيف تتوقعون أن يكون رد فعل المجتمع الدولي؟

 منذ 11 شهرًا على الحرب رأينا مجاعة وقتل وتجويع في غزة وسمعنا إدانات دولية وحتى من الأمم المتحدة لكنها لم تغيّر شيئًا ربما نشهد في سبتمبر اعترافًا أوسع بالدولة الفلسطينية لكنه سيكون دعمًا سياسيًا ومعنويًا فقط ما لم ينسحب الاحتلال ويمنح الفلسطينيين دولتهم.

 في ظل هذه التطورات، ما أهمية المواقف العربية الداعمة، خاصة الموقف المصري؟

 مصر كان لها دور متقدم طوال الفترة الماضية وفي كل المحافل أكدت على ضرورة قيام دولة فلسطينية تعيش بسلام بجانب إسرائيل ومنذ البداية دافعت عن الفلسطينيين ولم تتركنا لقمة للاحتلال. بذلت جهودًا لإدخال المساعدات لكن الاحتلال هو من سيطر على المعبر في مارس ومنع دخول البضائع لأشهر الشعب الفلسطيني يقدّر هذه المواقف التاريخية والحالية لمصر ويدرك أنها تقف معنا في كل المراحل.