باور بريس

احمد شادي يكتب :نبض الحقول… وصنّاع مجد الطاقة في مصر

باور بريس

 

يأتي عيد البترول المصري كل عام ليكون أكثر من مجرد مناسبة، فهو يوم للاحتفاء برجال ونساء اختاروا أن يعملوا في صمت، تحت الشمس الحارقة، وفي قلب الصحراء، وعلى منصات وسط البحر، وبين خطوط الإنتاج التي لا تهدأ. إنه يوم نرفع فيه القبعة لكل عامل ومهندس وفني ومشرف حمل على كتفه مسؤولية بقاء عجلة الطاقة في مصر تدور بلا توقف، وجعل من موقعه ميدانًا للشرف والعطاء.

في كل موقع بترول في مصر، هناك حكاية بطولة صغيرة تتكرر كل يوم؛ من يعمل لأيام متواصلة بعيدًا عن أسرته، ومن يقف في مواقع الخطورة بثبات، ومن يتعامل مع أعقد التقنيات بروح المقاتل، ومن يحمل اسم بلده في كل خطوة وكأنه قسم شرف. لقد كانوا دائمًا درعًا اقتصاديًا وسندًا وطنيًا لا يعرف التراجع، وبفضلهم أصبحت صناعة البترول أحد أعمدة الاقتصاد القومي ورافدًا رئيسيًا لدعم التنمية في الدولة.

لم تكن رحلة البترول في مصر رحلة سهلة، لكنها كانت ملهمة. مشروعات توسع واستكشاف، تطوير معامل التكرير، إنشاء خطوط جديدة، رفع كفاءة الحقول، زيادة الإنتاج، تمكين الكوادر الشابة، وتحقيق شراكات عالمية جعلت اسم مصر حاضرًا بقوة على خريطة الطاقة الإقليمية والعالمية. هذه النجاحات لم تكن صدفة، بل كانت نتاج سواعد العمال وعقول المهندسين وانضباط الفنيين وإصرار الإداريين ورؤية قيادية واضحة.

وفي هذه المناسبة، لا بد من تقديم خالص الشكر والتقدير إلى معالي الوزير كريم بدوي، وزير البترول المصري، الذي يعمل بروح القائد الميداني، ويقود القطاع برؤية متجددة تجمع بين التطوير والانضباط وفتح آفاق جديدة للاستثمار وتعظيم القدرات الوطنية. لقد استطاع أن يرسّخ مفاهيم الحوكمة، والأمان الصناعي، وتدريب الكوادر، وتحسين بيئة العمل، مما جعل قطاع البترول نموذجًا يحتذى به في الإدارة الحديثة.

ولا يمكن أن يمر هذا اليوم دون تقديم شكر خاص للنقابة العامة للعاملين بقطاع البترول، تلك الجهة التي كانت ولا تزال سندًا حقيقيًا للعاملين، تدافع عن حقوقهم، وتدعم احتياجاتهم، وتعمل على رفع مستوى الوعي والسلامة المهنية في كل المواقع. لقد لعبت النقابة دورًا مهمًا في توحيد الصف، وتعزيز روح الانتماء، وإعلاء قيمة العامل البترولي، ليظل القطاع نموذجًا يحتذى به في التعاون المؤسسي بين الدولة والعمال.

وإلى كل العاملين في القطاع—في الحقول، وفي مواقع الإنتاج، وفي محطات المعالجة، وفي الإدارات والمكاتب—كل الشكر والتقدير لكل جهد بُذل، وكل ساعة عمل، وكل تضحية تُقدم في سبيل استمرار الحياة في هذا الوطن. أنتم حكاية فخر، وجزء أصيل من قوة مصر وصمودها.

ومن القلب، أقول لكم: أنتم لا تعملون في وظيفة… أنتم تبنون وطنًا. لا تدعوا روتين الأيام يسرق منكم إحساس الرسالة. كل شفت عمل، وكل يوم بعيد عن الأسرة، وكل لحظة تعب… لها معنى كبير. والمعنى هو أن مصر أقوى بكم. واصلوا التطوير، استثمروا في مهاراتكم، لا تتوقفوا عن التعلم، حافظوا على سلامتكم، وكونوا قدوة لمن يأتي بعدكم. واعلموا أن كل إنجاز صغير تقومون به يتحول إلى خطوة كبيرة في مستقبل هذا البلد.

عيد البترول المصري ليس عيد قطاع فقط، بل عيد وطن يحتفل بأبنائه الذين يحملون شعلة الطاقة على أكتافهم. لكم التحية، ولكم العرفان، وأنتم دائمًا في مقدمة الصفوف.