باور بريس

دكتور عبد الله العوضي يكتب:حرب غزة الثانية.. العود لا يحمد ؟!

باور بريس

 

إسرائيل تخرق اتفاقية وقف إطلاق النار التي وافقت عليه بعد حرب مستعرة لقرابة سنة ونصف، ظنتها لن تكون سوى جولة سياحية في أيام معدودات ، و لكن حساب الحقل خالف حساب البيدر ، حتى وقعت الإبادة الجماعية المنقولة عبر كافة وسائل الإعلام العالمية، دون أن يقف العالم في وجه إسرائيل  و يأخذ على يديها ؟! 
لا نستطيع تجاوز دعم ترامب المطلق لعودة إسرائيل للحرب في غزة و صف ترامب ذلك بفتح أبواب الجحيم على أهل غزة ، و قد رفع أثناء الحملة الانتخابية شعار تصفير الحروب و على رأسها حرب غزة؟!

إسمع .. و استغرب !

أسمع كلام ترامب و استعجب و أشوف فعله و استغرب  ، إدارة "ترامب" مضت قدمًا في بيع أكثر من 20 ألف بندقية هجومية أميركية الصنع لإسرائيل في شهر مارس الماضي ، لتنفذ بذلك عملية البيع التي أرجأتها إدارة "بايدن"؛ بسبب مخاوف من استخدام مستوطنين إسرائيليين متطرفين لها (  وكالة رويترز - 4 / 4 / 2025 ) 
في الأيام الأخيرة لفترة " بايدن " أوقفت أميركا بيع صفقة أسلحة لإسرائيل ، و لكن ترامب واصل مسعاه للإفراج عنها ، رفض مجلس الشيوخ الأميركي ، بأغلبية ساحقة مسعى لمنع بيع أسلحة بقيمة 8.8 مليار دولار لإسرائيل في محاولة استندت إلى أزمة حقوق الإنسان التي يواجهها الفلسطينيون في "غزة" بعد القصف الإسرائيلي للقطاع ومنع تسليم المساعدات الإنسانية (قناة  " الحرة " 4 / 4 / 2025 ) 
و لم تكذِّب إسرائيل هذا الخبر، حتى أعلن الجيش الإسرائيلي  : بدأنا عملية برية في وسط وجنوب قطاع غزة ، بالرغم من تأكيد " حماس " بأن : المحادثات مستمرة مع الوسطاء لوقف النار وإلزام إسرائيل بالاتفاق ( 20 / 3 / 2025 ) 
هذه الحرب الأخرى عنوانها الرئيس ، هو إجبار سكان غزة على " الهجرة الطوعية " باتباع سياسة حرق ما تبقى من الأرض الركام و بقايا الخيام الورقية و الخرق البالية  .  

هجرة .. لكن طوعية !

هذا نقلًا عن مسؤول إسرائيلي قوله بأن : عدة دول مستعدة لاستقبال الفلسطينيين لكن لديها مطالب ، و ما نرغب في رؤيته هو إنقاذ الرهائن، والقضاء على "حماس"، وإتاحة الهجرة الطوعية ، و هذا بالضبط المهمة الرئيسة للمبعوث الأميركي خلال زيارته إلى الشرق الأوسط، يصل لبحث وقف النار في غزة 
و التطلع لموافقة "حماس" على الإفراج عن أكثر من 5 رهائن أحياء  (  صحيفة " هآرتس " و موقع " أكسيوس " - 4 / 4 / 2025 )
و لكن لا علاقة لهذا المبعوث بخرق إسرائيل أصلا لإطلاق النار و قتل من لم يخرق الإتفاق و لم يحمل السلاح من جموع الصائمين و قت الإفطار و في الهواء الطلق .
لقد بلغت حصيلة هذا القتل العشوائي و المتعمد مع سبق الإصرار و الترصد قرابة ألف شهيد و جريح ثلثهم من الأطفال الذين لم يبلغوا الحلم بعد و قد رفع ربهم عنهم القلم ، و لكن العدو لم يرفع السلاح عن وجوههم ؟! 
أما ردة الفعل المبدئية على المجازر التي ارتكبت بحق الأبرياء من كل دنب إلا إن كان التمسك بالوطن ذنب لا يغتفر لدى صهاينة البشر ؟! 
بعد كل  ما جرى من وحشية سلوك الجيش الإسرائيلي يقول المتحدث باسمه : مستعدون لتصعيد الضغط على "حماس"؛ لأن ذلك سيؤدي إلى إطلاق سراح الرهائن
أعتقد بأن إسرائيل بدأت تعيش خارج الزمن ، أكثر من سنة ونصف من الحرب المدمرة لم تستطع إستعادة رفات جندي واحد ، فتكرار الأزمات دون جدوى دليل فشل ذريع في التفكير السياسي و في ميدان المواجهة العسكرية؟! 
هل سمعتم أو دار بخلدكم عن رئيس حكومة طوال فترة إسرائيل المعاصر يقتل شعبه بل جنوده " المقدسين " ، لإرضاء غروره و ممارسة " شهوة " الحكم لأكثر من ستة عشر عاما انحدرت اسرائيل الى هاويتها بيدها و ليس بيد المتربصين بها ، هذه حقيقة " نتن .. ياهو " بشهادة الداخل و هي الأقوى ؟!

إسرائيل تقتل.. نفسها!

في أول عملية قصف غزة مرة أخرى إسرائيل تقتل إحدى رهانها التي أشعلت نار الحرب لاسترجاعها كنا زعمت بمزيد من الضغط على المقاومة؟!
و من الطبيعي أن تفقد " حماس " عناصرها و قياداتها المستهدفين منذ زمن طويل، و ليس أثناء هذه الحرب فحسب!
من ذلك إعلان  " حماس"  عن مقتل "بهجت أبو سلطان"، مدير عام جهاز الأمن الداخلي للحركة .
(  وكالة " معا " الفلسطينية ، العربية - 18 / 3 / 2025 )
ننظر إلى موقف بريطانيا الصانع الأول لإسرائيل من قبل صناعتها لأميركا قرون عددا !
بقول وزير الخارجية البريطاني: يجب إجراء تحقيق في حادث قصف المجمع الأممي في غزة بشفافية ومحاسبة المسؤولين عنه 
و أن بريطانيا العظمى من رعاية قاتل السلام الأول و صانع الهولوكوست الأوحد ضد شعب أعزل يبحث عن حل سياسي أعدل لقضيته الوطنية الحقة ، و الحاقة لدى نتنياهو و شرذمته  سموتريش و بن غفير ، ثلاثة أفراد لا يملك العالم أجمع حلا معهم ؟! 
و مصداق ما نقول هنا عبر إعلان 
الحكومة الإسرائيلية، إعادة تعيين إيتمار بن غفير، وزيرًا للأمن القومي، بعد استئناف إسرائيل الحرب في غزة  . (  سي أن إن عربية - 20 / 3 / 2025 )
صوت الحرب الثانية أصبح أعلى من الأولى، و عودة دعاتها طغت على صوت السلام المبحوح ؟! 
و أما تركيا حسب مصدر في وزارة الخارجية : "فيدان" تحدث هاتفيًا مع قيادي بـ"حماس"؛ لمناقشة أحدث التطورات في غزة ( 20 / 3 / 2025 )
موقف تركيا مع أحداث غزة ، أقرب إلى " أضعف الإيمان " ، لقد استمعت إلى بعض المحللين السياسيين المقيمين هناك، يقولون بأن الحكومة تركت للشعب التعبير عما يجول في خاطره ، مقابل إعطاء الفرصة للحكومة القيام بواجباتها السياسية وفق متطلبات مصلحة الدولة التركية .  

إسرائيل تتنفس .. حروبا ؟!

لا تكون إسرائيل، إسرائيلا ، إذا لم تخلق لها أي مبرر للعودة إلى الحرب  ، لأن في الحروب تكمن حياتها و تستنشق هواء وجودها ، هذا المبرر حاضر في كل الظروف من أجل تحقيق مصالحها الخاصة و لو على حساب المدافعين عنها ؟!
عن مصدر أمني أن  : " حماس " تستغل المفاوضات لكسب الوقت
، و من أجل وقف هذا الإستغلال، و ليس بالطبع وقف القتال أو إطلاق النار ، الجيش ينتظر تعليمات من القيادة السياسية بشأن الخطوات المقبلة .
النتيجة التي تحددها إسرائيل مسبقا بأنه : لا تقدم بالمفاوضات مع "حماس" حتى الآن والسيناريو الواقعي هو العودة للقتال ، و أما الرافضين لهذه المعركة، كانت الإقالات التي ينفذها "نتنياهو" مستوحاة من تصرفات "ترامب" ، لهم بالمرصاد ؟! (  هيئة البث الإسرائيلية - 18 / 3  / 2025 ) 
إن كانت إسرائيل تظن في قرارة نفسها دولة يهودية " عظمى " في منطقة الشرق الأوسط ، فلماذا  لا تقدر على الإيفاء بعهودها مع " حركة لا تكاد تبين ؟!
في الوقت الذي تعود إسرائيل فيه لقصف غزة من جديد تاركة وراءها شيء اسمه اتفاق فضلا عن الإيفاء بالعهود ، قيادي في " حماس " يقول : لا زالت الاتصالات جارية مع الوسطاء بشكل مكثف لتجاوز الأزمة ووقف الحرب ، و الحركة لم ترفض مقترح "ويتكوف" ولكنها اشترطت أن يتم البدء بمفاوضات ومقتضيات المرحلة الثانية ، و قد 
أبلغنا الوسطاء استعدادنا للتعاطي بإيجابية ومرونة مع أي اقتراح يتضمن إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين لكن نريد ضمان الانتقال للمرحلة الثانية ، يُعالج قضايا الوقف الدائم للنار والانسحاب الإسرائيلي الكامل وتدفق المساعدات الإنسانية لغزة (  الشرق - 20 / 3 / 2025 ) 
المقابلة و المقارنة و المقايسة ، دولة الاحتلال، تريد أن تتضخم حساب  الجيران الذين فرشوا لها البساط الأحمر للسلام ، و لكنها أبت إلا باستلام شيك على بياض ، حتى لو تم لها ذلك ، سوف تخط عليه بدماء الأبرياء.

دولة مقابل.. حركة ؟!

لذا كل تلك المقاييس بين دولة و حركة، لا يمكن أن تكون سليمة في ميزان و ميدان النصر و الهزيمة ؟! 
لدى إسرائيل دولة الجيش الذي 
سيدفع، خلال الفترة المقبلة بمزيدٍ من القوات إلى "غزة"؛ لتوسيع العمليات العسكرية ، و يقر بأنه رغم عمله في " غزة " ، فإن " حماس " تتمتع بقدرات ويمكنها إطلاق الصواريخ على إسرائيل ( القناة 12 الإسرائيلية - 22 / 3 / 2025 ) 
يبدو بأن إسرائيل تعيش حالة من " الإنفصام السياسي " بحيث أصبحت لا تدرك شيئا عما يدور في داخلها ، الجيش الإسرائيلي يمارس فعل العبث بالأرواح و الأجساد التي تتطاير في الهواء من جراء الإنفجارات العنيفة بلا مبرر؟!
و لتوضيح هذا النوع الجديد من الإنفصام " النفس سياسي " ، عن مسؤولين إسرائيليين : ننتظر نتائج محادثات وقف إطلاق النار ولا قرار بشأن تصعيد المرحلة الحالية ، 
احتلال القطاع يتطلب 5 فرق عسكرية ما يرهق الجيش مع تشكيك جنود الاحتياط بخوض حرب مفتوحة ، مستعدون للتفاوض مع "حماس" عبر وسطاء قبل شن أي غزو واسع النطاق للقطاع (  واشنطن بوست - 23 / 3 / 2025 ) 
إسرائيل حتى إذا لم تحارب في غزة و لم تغزوها ، فهذا لا يمنعها من تحقيق أهدافها في القتل الجماعي و الفردي و الإستمرار في تحدي كل العالم بما فيهم العالم الأعظم أميركا ؟!
أفتح هنا فجوة حضارية عبر مفهوم أو مصطلح الدول الخمس العظمى في العالم و هي التي تقرر مصائر أكثر من 190 دولة أعضاء في الأمم المتحدة العاجزة عن ردع إسرائيل و لو قولا غليظا !
العظمة قيمة حضارية، انسلخت عن أجساد تلك الدول كما تسلخ البهيمة عن جلدها ، " غزة " كشفت هذه الحقيقة في قصة الدول العظمى المتواطئة مع وحشية إسرائيل في حربها غبر المتكافئة!

العظمة .. حضارة

عظمة الدول ليست في قوة بطشها ، بل في ترسيخ جذور حضارتها بين كل الأمم من حولها ، و هذا هو السر الذي سوف يعجل من تراجعها أمام أمم أخرى سوف تفاجئها من حيث لا تحتسب؟! 
إسرائيل ماضية في طريقها لتهجير سكان غزة وفق سياسة النفس الطويل، و هذا الأمر ليس جديدا عليها، ففي نكبة 1967 , قامت بتهجير قرابة مليون نسمة من الشعب الفلسطيني، و يبدو بأن داء قصر الذاكرة قد أصاب البعض  " بالزهايمر السياسي " 
لقد أدان الأردن إسرائيل إنشاء وكالة خاصة لتهجير الفلسطينيين من غزة . ( صحيفة الغد الأردنية  24 / 3 / 2025 )
و هذا لم يمنعها من المضي في التخلص من قادة " حماس " ، و من بين هؤلاء يأتي مقتل إسماعيل برهوم عضو المكتب السياسي بحماس في الغارة على مستشفى ناصر   . ( العربية - 24 / 3 / 2025 ) 
إسرائيل الوحيدة مستثناة من بين العالم لتحويل المستشفيات و المدارس و بقية المؤسسات المدنية إلى محارق و سلخانات و شوايات ، و لو أصيبت بشظية طائشة، حرّكت أسراب من طائرات “ F16 “ المطورة للدفاع عن نفسها و إن لم تجد مهاجما يحوم حولها ؟! 
من الذي يشجع إسرائيل على التمادي في القتل و  ارتكاب جرائم لا تخطر على بال العقال في تاريخ الحروب؟! 
نقلا عن مصادر إسرائيلية قولها بأن : "إسرائيل تحظى بالدعم  الأميركي لمواصلة القتال في غزة، لكن هذا الدعم لن يكون بلا حدود". 
ما معنى " الحدود " هنا ، و هل إسرائيل نفسها تؤمن بشيء اسمه حدود؟
منذ متى الفلسطينيون يستجدون إسرائيل للإعتراف بحدود 67 ، الخط الفاصل و الذي أصبح الآن ساخنا ذابت الحدود كلها ومعها حلم السلام من أجل دولة فلسطينية لم يخلف عليها أحد سوى " نتنياهو " ؟!  

ضم .. رفح !

و نقلا عن مسؤولين أميركيين قولهم : لا جدوى من إطالة أمد الهجوم على "حماس"، والحرب يجب أن تكون مركزة وفعالة ومحدودة .
من المتوقع أن يوافق "نتنياهو" على صفقة إطلاق سراح الرهائن الآن بعد أن أصبح ائتلافه "آمنًا" بعد التصويت على الميزانية
" بن غفير" و"سموتريتش" لا يعرفان قراءة الجغرافيا السياسية ولا يدركان أين يقفان (  يديعوت أحرونوت - 25 / 3 / 2025 )
كل التوقعات ذهبت بعيدا عن واقع الحال في غزة المكلومة بغدر " نتنياهو " و أكثر ، فماذا في جعبته بعد؟! 
كلمة نتنياهو، في الكنيست : كلما استمرت حماس في رفض إطلاق سراح المختطفين سنزيد ممارسة ضغط يشمل الاستيلاء على الأراضي ، إسرائيل كانت وستبقى ديمقراطية ولن تشهد حربًا أهلية و 
قضينا على أذرع الشر الإيرانية ( 26 / 3 / 2025 ) 
و لم يصبر " نتنياهو " على هذا التصريح أياما قلائل حتى قام بضم مدينة رفح إلى المنطقة العازلة ، لماذا؟! 
فيما يعكس رؤية إسرائيلية طويلة الأمد لإعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديموغرافي في قطاع غزة، يستعد الجيش الإسرائيلي (9 أبريل 2025 ) لجعل مدينة رفح والأحياء المجاورة لها جزءًا من المنطقة العازلة الواقعة بين محور فيلادلفيا و"ممر موراج" بعد أن نزح منها 200 ألف فلسطيني باتجاه منطقتي خان يونس والمواصي.
يمكن فهم أهداف إسرائيل من ضم رفح التي تشكل نحو خُمس مساحة القطاع وتقع على حدود مصر وفق الآتي: تعزيز السيطرة الأمنية بقطع الصلة بين غزة ومصر عبر محور فيلادلفيا، ما يقلص قدرة "حماس" على تهريب الأسلحة، أو إعادة بناء قدراتها العسكرية.
تقليص مساحة القطاع المتاحة للسكان، ما يسهل السيطرة عليها عسكريًا وسياسيًا.
الضغط على "حماس" بتوسيع المنطقة العازلة وإجبار الحركة على تقديم تنازلات في مفاوضات الرهائن. 
بالنظر إلى عدم اتخاذ المؤسسة الأمنية قرارًا بشأن الاحتفاظ بمنطقة رفح بأكملها منطقة عازلة، يتوقع أن يدفع ذلك إلى مسار فصل رفح كليًا عن القطاع وإبقاءها تحت السيطرة الإسرائيلية. ( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية )

تظاهرة.. نادرة!

منذ من سنة ونصف السنة، و لأول مرة، نظم المئات مسيرة عفوية في بيت لاهيا شمال قطاع غزة ضد حركة "حماس"، مطالبين بوقف القتال ، و تأتي هذه التظاهرات في وقت يعاني فيه الفلسطينيون من أزمات إنسانية خانقة، جراء إغلاق المعابر واستمرار عمليات القتل الإسرائيلية المستمرة . ( مونت كارلو الدولية - 26 / 3 / 2025 )
اسرائيل لم تترك هذه المسيرة، دون أن تستغل هذا الحراك النادر لصالحها ، و وضعت بذلك حجرا حجرا مسنونا أمام وقف إطلاق النار ، قبل أن يتخلص سكان غزة بأنفسهم من " حماس " ؟! 
إسرائيل لا تصبر حتى يتحقق أي شيء يخطر على بالها، لأن آلتها الحربية لم تخضع يوما لصوت السياسة و لا لصدى الدبلوماسية التي يطالب بها ساسة العالم العقلاء ؟!
و لم تمض على تلك المسيرة ثلاثة أيام حتى حلقت طائرات إسرائيلية لتشن غارات على المناطق الشرقية من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة . 
80 غارة إسرائيلية على 30 موقعًا بغزة ، والجيش لم يذكر سوى أسماء 7 من نشطاء وقادة حماس (  الجزيرة و هآرتس - 29 / 3 / 2025 )  و بدء تنفيذ عملية برية في منطقة برفح جنوب قطاع غزة (  الجيش الإسرائيلي -  29 / 3 / 2025 )
إسرائيل لا تعرف معنى للهدنة ، فهي الطرف المتروك لفعل ما تريد  ، أما سلسلة الهدنات تأخذ دورها في عملية مماطلة طويلة الأمد، هذا ما صرح به رئيس حركة حماس في غزة عندما قال :  تسلمنا مقترحًا جديدًا من المصريين والقطريين بشأن هدنة غزة ، و إسرائيل كعادتها تماطل برفض الاتفاق لإطالة الحرب ، 
حرصًا منا على شعبنا تعاملنا بإيجابية مع المقترحات ( 29 / 3 2025 )

فرنسا .. خارج السرب ؟!

لا نعرف إن كانت فرنسا تغرد خارج السرب، أم أنها تؤدي دورا مرسوما من وراء جدر السياسة الدولية؟!
سياسيا أميركا و فرنسا ليسا على وفاق منذ سنوات و هو ما ليس له علاقة بغزة ، و كانت هذه الحرب قد زادت الشُقة بين البلدين، إلى درجة أن بعض السياسيين قد دعى إلى استرجاع تمثال الحرية من أميركا لأنها لم تعد تليق بها لانحيازها المطلق مع إسرائيل و هي التي كانت من قبل راعية لمشروع السلام لحل الدولتين، فهي لم تعد الآن كذلك ؟! 
يقول الرئيس الفرنسي  : أبلغت "نتنياهو" بضرورة العودة لوقف النار في غزة ، و ندعم الخطة العربية لإعمار غزة ونرفض تهجير سكانه ، أما تحرير جميع الرهائن وأمن إسرائيل أولوية بالنسبة لنا ( 30 / 3 / 2025 )
ما هو المختلف في مطالب المقاومة الفلسطينية من إسرائيل عما تريده فرنسا على لسان رئيسها ؟!
ألم يتحقق كل ذلك بمجرد العمل باتفاق وقف إطلاق النار ، ما الذي استجد غير خروج نتنياهو عن سكة الإتفاق و إخراج القطار عن مساره و إحراج العالم كله أمام هذا الوضع الذي لا يمكن قبوله في أي عرف إنساني فضلا عن أي قانون بشري يدعو إلى الإلتزام بدل الإستمرار في الإجرام ؟! 
مسار المحادثات لم يتوقف ، رغم  إصرار إسرائيل في المضي قدما في حربها ضد ما تبقى من غزة !
محادثات  أُجريت، بمستويات مختلفة بين إسرائيل و أميركا وقطر ومصر ( القناة 12 الإسرائيلية 31 / 3 / 2025 ) ، قدمت فيها  إسرائيل اقتراحًا يتضمن إطلاق سراح نصف المخطوفين الأحياء ونصف القتلى مقابل نحو 50 يومًا من وقف إطلاق النار  . ( القناة 13 الإسرائيلية - 31 / 3 / 2025 )
و مع ذلك سلسلة العراقيل لا زالت تفرض شروطها على سير أي محادثات ،  مصدر سياسي إسرائيلي: سنتفاوض حول وقف الحرب إذا وافقت "حماس" على "مسار ويتكوف" .

قصف متواصل.. مع الوساطة

كيف يمكن المضي بسلاسة، إذا كل مبعوث أميركي يهدم ما بناه مبعوث سابق؟!
هذه أول مرة توضح فيها إسرائيل أنها مستعدة للدخول في محادثات بشأن إنهاء الحرب والانتقال للمرحلة 2 ( يسرائيل هايوم  -  31 / 3 / 2025 )
كيف  تقفز إسرائيل من المرحلة الأولى إلى المرحلة التالية، و هي لا تزال تحارب من أجل إطالة أمد المرحلة الأولى؟! 
و الدليل الشاهد على ما نقول هو 
قصف إسرائيلي على حي التفاح ومخيم البريج وسط غزة يقتل 15 شخصًا ( إعلام فلسطيني- 31 / 3 / 2025 )
قصف متواصل مع جهود الوساطة المتواصلة في خط متواز ، عن مسؤول بالحكومة القطرية: سنواصل جهود الوساطة بالتعاون مع الولايات المتحدة وشركائنا في المنطقة ( واشنطن بوست - 31 / 3 / 2025 ) !
و إجبار جيش الاحتلال سكان محافظة رفح على الإخلاء القسري تحت وطأة المجازر والقصف جريمة حرب وتصعيد خطير ( حماس - 31 / 3 / 2025 ) ؟!
ترى كم حجم الجرائم المركبة التي تراكمها إسرائيل، و العالم لا زال يركب رأسه عن فعل شيء ملموس ! 
لقد تطورت أزمة الرهائن خلال الفترة الماضية من الحرب من قضية التسليم إلى موضوع تتحكم في مجرياتها إسرائيل وفقا لأهواء نتنياهو و ليس القانون الدولي الخاص بتبادل الأسرى . 
و بعد كل مدة تقصف فيها إسرائيل غزة يضحى نتنياهو برهانه من استمراره في الحكم لولاية رابعة بعد أن أمضى في السلطة لثلاث فترات كان همه الوحيد منع إقامة دولة فلسطينية مستقلة طالما هو الآمر و الناهي .
مسؤولون إسرائيليون يقولون  بأن : التقديرات تشير إلى أن الرهائن الأحياء لدى حركة "حماس" يقدر عددهم بـ24 رهينة ( رويترز- 31 / 3 / 2025 )

قلق .. و لوم ؟!

و مع استمرار الحرب الثانية ، فلا ضامن لبقاء هذا العدد مع معرفة الحكومة الإسرائيلية ذلك جيدا إلا القتل مستمر كما تقول ما دامت هناك رهائن !
و كل الشهود على هذه المجازر منزوعة الإنسانيّة كالمفوضية 
الأوروبية ، تدعو إلى وقف الاستيطان والعملية العسكرية الإسرائيلية كذلك في الضفة الغربية ، و الحكومة الألمانية ، نراقب عن بعد ، بقلق بالغ التصعيد الجديد في غزة ( 31 / 3 / 2025 )
هذا عن العالم الخارجي، فماذا عن العالم الفلسطيني ' و المتمثل فى الرئاسة الفلسطينية عند. إلقاء اللائمة على " حماس " في قولها  :
على حركة "حماس" أن تقطع الطريق على إسرائيل وأن تسحب الأعذار منها لمواصلة "عدوانها الدموي" ( 31 / 3 / 2025 )
ما يعني أن البيت الداخلي الفلسطيني، يعاني من تصدعات يصعب رتقها ، حتى في أوقات الأزمات  ، حيث الحاجة الماسة للوحدة الوطنية، فهي المنجية ، إذا ضاقت بها السبل الأخرى ؟! 
هذا الشقاق و الإختلاف بين السلطة السياسية الفلسطينية و " حركة حماس " مستمر ، بينما 
مسؤول إسرائيلي يقول بأن : الجيش سيوسع عمليته البرية في "غزة"؛ لاحتلال 25% من القطاع ،خلال أسبوعين أو ثلاثة ، و 
العملية البرية جزء من حملة ضغط قصوى لإجبار "حماس" على القبول بإطلاق مزيد من الرهائن 
(  أكسيوس - 1 / 4 / 2025 )  ! 
لقد تسارعت هذه العملية و التحركات حال إعلان وزير الدفاع الإسرائيلي توسيع العملية العسكرية في غزة ، و السيطرة على مساحات واسعة ، تبعها إجلاء واسع النطاق لسكان غزة من مناطق القتال ، و الجيش الإسرائيلي بدأ في اليوم التالي مباشرة بتوسيع العمليات البرية في رفح والمنطقة وأدخل الفرقة 36 لغزة .  (العربية  ، الحدث ، سكاي نيوز عربية ، الجزيرة - 2 / 4 / 2025 )

أميركا.. و تهديد الأمم المتحدة!

نعتقد بأن خطة " التهجير الطوعي " قد بدأت من المانيا ، إسرائيل تقول إن المئات من سكان غزة نُقلوا جوًا إلى ألمانيا ، و الجيش الإسرائيلي ينفذ أحزمة نارية في "رفح"
و من ناحية أخرى مشرعون  أميركيون يهددون الأمم المتحدة بعقوبات في حال التحقيق مع إسرائيل (  العربية ، الحدث و فرانس برس - 2 / 4 / 2025 )
هل سمعتم عن قانونيين يقومون بتهديد هيئة أممية في وزن  منظمة الأمم المتحدة بمجرد أنها فكرت في التحقيق بما تقوم به إسرائيل في حربها للمرة الثانية ضد غزة من بعد موافقتها على اتفاق وقف إطلاق النار ؟!
أرأيت من أسس هذه المنظمة، يريد هدمها من أجل دولة محتلة بحكم قوانين المنظمة ذاتها ، إنها سابقة لم تقع منذ التأسيس حتى يومنا هذا ، و كان الهدف من إنشائها الحفاظ على السلام والاستقرار في العالم أجمع من بعد حربين عالميتين طاحنتين ؟
إذا كان هذا الأمر سيستمر كلما أرادت إسرائيل ممارسة " ساديتها " في احتلال أي دولة لا تروق لها، فإن المطالبين منذ عقود لتغيير النظام الأساسي بما يتوافق مع تغير العالم منذ الإنشاء و خاصة ما يخص  عدد أعضاء مجلس الأمن الخمسة ، لقد برزت تكتلات و تقدمت دول أخرى و جرت تحولات سياسية كبرى ، بحاجة إلى إعادة النظر في هيكلية هذه المنظمة الدولية بحيث لا  يتعرض لانكماش دورها الأساسي على الصعيد العالمي ؟! 
في خضم الحرب المستعرة ، و على الهامش يقتحم بن غفير المسجد الأقصى في تصعيد جديد و خطير ، يهدف إلى تهويد المسجد و فرض أمر واقع في المدينة .
إضافة إلى ذلك الخارجية الفلسطينية تدين قصف "عيادة الأونروا" في جباليا وتوسيع الجيش الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة ، 
و الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف عناصر من حركة حماس في مركز قيادة بمنطقة جباليا ( 2 / 4 / 2025 )  

تدمير.. المدمر !

هذا الخلط في أوراق الحرب الدائرة في أكثر من جبهة ، كيف يمكن وقفها أو الفصل بينها في عملية الإستهداف ، فلا يمكن السعي الحثيث  إلى  قصف " عيادة الأونروا " و هي ليست أداة من أدوات الأسلحة الهجومية ، و آخر في المسجد الأقصى ، و عناصر من " حماس " ؟!
لماذا يتعامل المحتل مع كل قائم على الأرض على أساس أنه هدف عسكريّ يجب قصفه ؟! 
هذا هو المبرر الذي بحاجة إلى تبرير بعيد عما فشل في انجازه طوال الشهور الماضية !
رئيس الوزراء الإسرائيلي: نقوم بزياد الضغط في قطاع غزة خطوة بعد خطوة حتى نعيد المخطوفين .
و كأن كل ذلك الدمار الهائل لم يكن ضغطا بل زيارة عابرة مثل التقاء رئيس هيئة الأركان الإسرائيلي قوات الجيش في جنوب قطاع غزة ، و مع هذا لا تريد إسرائيل أن ترى من يدافع عن أرضه المستباحة بما تملك من سلاح لا يقارن بما لدى المحتل المتغطرس ؟!
الجيش الإسرائيلي يقول بأن الدفاعات الجوية اعترضت صاروخين أطلقا من شمال قطاع غزة باتجاه إسرائيل ( هيئة البث الإسرائيلية  - 2 / 4 / 2025 )
صاروخين لم يخدشا جناح  طائر فضلا عن طائرة ، و لكن بالمقابل لم تنم غزة من أزيز طائرات " F 16 “ و غيرها مما تجود به أميركا على ربيبتها التي لا زالت تشجعها على المزيد من التدمير و العودة إلى طريق المفاوضات ؟! 
و الجيش الإسرائيلي يثبت يوميا بأنه شاهد صادق على تدمير المدمر هذا ما قاله المتحدث باسم الجيش : بدأنا عملية عسكرية على مشارف الشجاعية شمال قطاع غزة ، هدفها تعزيز السيطرة وتوسيع المنطقة العازلة ( 4 / 4 / 2025 )

احتلال غزة .. و تحركات عربية

أصبح صوت احتلال غزة في هذه المرحلة عاليا ، و هو ما لم يتم التطرق إليه منذ اندلاع الحرب الأولى ، و ها هو اليوم يصم عويله الآذان المعزولة عن السمع ، و عن مصادر مطلعة : رئيس الأركان الإسرائيلي يريد القضاء على "حماس" بشكل حاسم بهجوم بري واسع ، و يريد كذلك شن هجوم بري قبل اتخاذ أي قرار بشأن حل سياسي ، و هو مستعد لنشر قوات كافية لاحتلال القطاع إلى أجل غير مسمى  . (  وول ستريت جورنال - 4 / 4 / 2025 )
المشهد الخالي عن الحل السياسي غامض إلى درجة هروب الوضوح من حوله ، إذا العالم الذي يبحث عن بارقة أمل للسلام، كيف سيواجه هذا الوضع ؟! 
التحركات العربية لم تتوقف طوال فترة الحرب و لا زالت مستمرة ، و هو الصواب السياسي في هذا الظرف الراهن و من ذلك مشاركة 
الملك عبدالله الثاني بجمهورية مصر العربية، في قمة ثلاثية جمعته بالرئيس المصري، والرئيس الفرنسي. و بحثت القمة التي انعقدت بدعوة من الرئيس المصري التطورات الخطيرة في قطاع غزة ( قناة المملكة الأردنية - 7 / 4 / 2025 ) 
مصر و الأردن دولتان محوريتان و لصيقتان بالصراع الدائر في غزة و كذلك الضفة الغربية ، فهما رمانتا القضية الفلسطينية برمتها ، فلا حل لها دون  وجودهما  فيها بحكم التاريخ  .
و كذلك فرنسا دولة ذات شأن في الإتحاد الأوروبي ، و صوتها في هذه الحرب أقوى من غيرها في أوروبا ، و هي التي بادرت إلى أنها على أتم الاستعداد للإعتراف بالدولة الفلسطينية  . 
هناك ملاحظة معتبرة يمكن القول عنها لدى إسرائيل إنها لا تبالي فعلا بأي لقاء عربي أو غربي من أجل الوصول إلى سلام حقيقي ، من هذا المنطلق الجيش الإسرائيلي يقول بأن : سلاح الجو استهدف المنصة التي أُطلِقت منها الصواريخ في "غزة" ، و وزارة الصحة الإسرائيلية تعلن عن وصول 12 إصابة إلى "مستشفى عسقلان" عقب سقوط صاروخ أُطلِق من "غزة" ، و 
مسؤول فلسطيني يقر بأن القوات الإسرائيلية قتلت "فتى يحمل الجنسية  الأميركية " في "الضفة الغربية" ( 7 / 4 / 2025 )

الصمت الكاتم .. مستحيل

هل تتوقع إسرائيل الصمت الكاتم على جرائمها تجاه العزل و لا تقبل على القتل ردا و لو غير مساويا ؟!
"كتائب القسام" تعلن قصف إسرائيل بـ"رشقة صاروخية"
و سقوط صواريخ من "غزة" في "عسقلان" و"أسدود" ، و 
الإسعاف الإسرائيلي تقول بأننا : نتعامل مع 4 مواقع سقطت فيها شظايا صواريخ (العربية و سكاي نيوز عربية - 6 / 4 / 2025 )
و في ذات الوقت  تواصل محكمة العدل الدولية إرسال طلباتها إلى دول العالم الحر لاعتقال " نتنياهو " أثناء تنقله من دولة إلى أخرى ، و من هذه الملاحقات المحكمة الجنائية الدولية تُرسل إلى المجر طلبًا لاعتقال "نتنياهو" قبل وصوله "بودابست" بساعات قليلة، لكن المجر لم تمتثل للطلب، وأعلنت انسحابها من المحكمة ( القناة 12  الإسرائيلية  - 7 / 4 / 2025 )
نقول لو  القاتل مجرما فردا ، في أي مكان لكان الإنتربول الدولي مكلف بإلقاء القبض عليه و لو كان إبرة في قشة و فقا لاتفاقيات تبادل المجرمين بين الدول ، فكيف الحال بمن أباد شعبا بأكمله و لا زال مستمرا ، فما العمل معه ؟! 
الآن جاء دور ترامب الذي دوخ العالم بشعاراته الإنتخابية حول تصفيره للحروب التي لم يستطع سلفه بايدن القيام به !
تولى ترامب الرئاسة ، فركب نتنياهو رأسه منطلقا للحرب الثانية مخترقا كل بنود الاتفاق الذي تم التوصل إليه بعناء شديد و عناية أشد .
في أول أسبوع من هذا الشهر كان اللقاء غير التاريخي بين ترامب و نتنياهو الذي قال فيه : " حرب غزة" ستتوقف قريبًا، ونريد التوصل إلى اتفاق آخر لوقف النار .
لماذا لم يتطرق ترامب إلى نقض الاتفاق الأول من قبل نتنياهو ، حتى يحتاج الوضع لاتفاق آخر لا نعرف متى يتم التوصل إليه ؟!

التهجير الناعم .. و إصرار ترامب؟!

ترامب بدل أن يطلب من نتنياهو الكف عن المضي في  حربه العبثية ، يتحدث عن أن هناك دول
أخرى مستعدة لاستقبال فلسطينيين من "غزة"؛ لتجنيبهم ما يتعرضون له من قتل وبؤس ، مع وجود القاتل الفعلي أمامه فلا يجرؤ على تسليمه للمحكمة فضلا أن يمنعه و يأخذ على يديه ؟!
بل ذهب معه أبعد من ذلك عندما علق قائلا : لا أفهم لماذا أقدمت إسرائيل في السابق على التخلي عن "غزة"، السيطرة على القطاع وامتلاكه سيكون أمرًا جيدًا ؟!
ما هذا النوع من التشجيع ، بدل كلمة توبيخ ضد جرائم الاحتلال الشنيعة ! ( 8 / 4 / 2025 ) 
سارعت إسرائيل على طول الخط إلى ضم إسرائيل مدينة رفح للمنطقة العازلة ، فيما يعكس رؤية إسرائيلية طويلة الأمد لإعادة تشكيل الواقع الجغرافي والديموغرافي في قطاع غزة، يستعد الجيش الإسرائيلي لجعل مدينة رفح والأحياء المجاورة لها جزءًا من المنطقة العازلة الواقعة بين محور فيلادلفيا و"ممر موراج" بعد أن نزح منها 200 ألف فلسطيني باتجاه منطقتي خان يونس والمواصي.
و يمكن فهم أهداف إسرائيل من ضم رفح التي تشكل نحو خُمس مساحة القطاع وتقع على حدود مصر وفق الآتي: تعزيز السيطرة الأمنية بقطع الصلة بين غزة ومصر عبر محور فيلادلفيا، ما يقلص قدرة "حماس" على تهريب الأسلحة، أو إعادة بناء قدراتها العسكرية. 
تقليص مساحة القطاع المتاحة للسكان، ما يسهل السيطرة عليها عسكريًا وسياسيًا.
الضغط على "حماس" بتوسيع المنطقة العازلة وإجبار الحركة على تقديم تنازلات في مفاوضات الرهائن.
بالنظر إلى عدم اتخاذ المؤسسة الأمنية قرارًا بشأن الاحتفاظ بمنطقة رفح بأكملها منطقة عازلة، يتوقع أن يدفع ذلك إلى مسار فصل رفح كليًا عن القطاع وإبقاءها تحت السيطرة الإسرائيلية.
( مركز الإمارات للدراسات و البحوث الاستراتيجية - 9 / 4 / 2025 )

غليان .. من الداخل !

و من جهة أخرى لم تتوقف أميركا يوما واحدا عن إمداد إسرائيل بالأسلحة لاستمرار الحرب في غزة و هي التي تزعم السعي لوقفها ؟! لقد نقلت كمًا كبيرًا من الأسلحة إلى إسرائيل مخصص لحرب غزة ولهجوم محتمل على إيران إن فشلت مفاوضتها ، الأسلحة وصلت من قواعد الولايات المتحدة حول العالم إلى إسرائيل عبر جسر جوي من طائرات النقل تتضمن الأسلحة قنابل ثقيلة من طراز MK-84 وصواريخ اعتراضية لبطاريات صواريخ ثاد ( سكاي نيوز عربية و هيئة البث الإسرائيلية  - 16 / 4 / 2025 ) 
بدأ الغليان يدب في الداخل الإسرائيلي ، على أعلى المستويات ، و هو ما لم يحدث طوال فترة وجود إسرائيل كمحتل ، يجد في مخلصيه من يريد التخلص من حكومته و وضع حد لهذه الحرب القذرة بكل المقاييس الإنسانية .
و من علامات هذا الحراك ، وقّع مئات الجنود من سلاحَي البحرية والمدرعات، بالإضافة إلى عشرات الأطباء العسكريين، على عرائض تُطالب بإعادة "المختطفين" حتى لو كان ذلك على حساب إنهاء الحرب في غزة، وذلك بعد أن وقَّع 950 طيارًا من سلاح الجو على عريضة مشابهة .
هذآ و قد صادق وزير الدفاع ورئيس الأركان على قرار فَصْل الموقعين على عريضة الاحتجاج، كما أيّد رئيس الوزراء هذا القرار، وأكّد أنّ "العصيان في وقت الحرب يُعد خطأً لا يُغتفر" .
و اعتبر المحتجّون أنّ الحرب "تخدم مصالح سياسية وشخصية وتعرّض حياة المختطفين للخطر"، في حين انتقد مسؤولون حكوميون هذه الاحتجاجات، مؤكدين أنّ استمرار الضغط العسكري هو السبيل الوحيد لإعادة المختطفين
و أشار جنود احتياط إلى أنّ الجيش يكرر استراتيجياته العسكرية في غزة دون مراعاة الظروف الراهنة، مُوضحين أنّ الجيش يُعاود تدمير ما دُمّر سابقًا دون وضوحٍ بشأن الهدف أو المدّة المتوقّعة للعمليات العسكرية الحالية .

سفراء.. و الإعتراض !

أكّد قادة عسكريون أنّ الجيش يجب أن يبقى فوق أي جدل سياسي، وأنه لا يمكن إتمام الحرب دون مشاركة أفراد الاحتياط، مُحذّرين من أنّ هذه الاحتجاجات قد توفّر حافزًا معنويًا كبيرًا لـ"حماس" (  11 / 4 / 2025 )
و لم يقف سيل هذه الأحداث عند هذا الحد ، بل قام كذلك 24 سفيرا سابقا بالتوقيع على عرائض احتجاج موضحين إخلاصهم للدولة طوال فترة عملهم السابق ، إلا أن ما تقوم به الحكومة الحالية لا تخدم أبدا مصالح الدولة العليا.
و انضم إليهم ثلاثة رؤساء سابقين للشاباك الذي يعد أكثر مؤسسات الدولة حساسية في الأهمية.
فيما الشعب و بعض شرائحه يطالب بإنهاء الحرب غير المجدية ، الحكومة ماضية في تكرار التفاصيل المملة و الأخطاء القاتلة و تم التعامل معها منذ شهور مضت بلا طائل ؟!
مسؤولان مطلعان يصرحان بأن : 
إسرائيل تطالب بإطلاق سراح الأسرى الأحياء خلال الأسبوعين الأولين من وقف إطلاق النار الذي يستمر 45 يوما، رافضة مطالب حماس السابقة بتوزيع الإفراجات بالتساوي على مدار فترة الهدنة بأكملها .
ستوافق إسرائيل أيضًا على السماح باستئناف تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة، وسحب قواتها 
إلى حيث كانت متمركزة في غزة قبل استئناف القتال في 18 مارس .
أما الوسطاء المصريين فإنهم يعتزمون إطلاع وفد حماس على رد إسرائيل في وقت لاحق . (  تايمز أوف إسرائيل- 12 / 4 / 2025)
المفاوضات في المرحلة الأولى مضت بسلام أسفرت عن اطلاق مجموعة كبيرة الرهائن أو الأسرى أو المحتجزين ، و  لم يرق ذلك لشخص واحد فقط يسمى نتنياهو ، فلا بد من قلب الطاولة على رؤوس الناجحين ، و استبدالهم بآخري قبل أن نعرف شيئا عن أدائهم التفاوضي أو مهاراتهم السياسية بعد .

اللف .. و الدوران!

نقلًا عن مصدر مشارك في مفاوضات غزة يقول بأن: هناك بطء كبير في عملية التفاوض مقارنة بالفترة التي قاد فيها "يفيد برنيا" و"رونين بار" الفريق الإسرائيلي في المفاوضات ، و تحول واضح في مواقف فريق التفاوض الإسرائيلي بعد تغيير قيادته (سي إن  إن - 12 / 4 / 2025 ) 
هذا في الوقت الذي لم تشهد مواقف الوسطاء فيه أي تغيير بل هم ماضون من أجل الوصول إلى وقف الحرب و ليس وقف إطلاق النار فحسب.
من هنا المنطلق قام وفد برئاسة خليل الحية  بالتوجه إلى القاهرة للاجتماع مع الوسطاء من قطر ومصر للتوصّل لاتفاق ووقف الهجوم الإسرائيلي ، و التعامل 
بإيجابية مع أي مقترحات تضمن وقفًا دائمًا لإطلاق النار وانسحًابا كاملًا للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة ( حركة " حماس " -13 / 4 / 2025 ) 
و كذلك توجه الرئيس المصري 
إلى العاصمة “ الدوحة " سيبحث مع أمير قطر، الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في غزة (  الرئاسة المصرية - 13 / 4 / 2025 ) 
الآن نصل إلى مخرجات هذا اللقاء عبر الوسطاء ، لنجد فيه كم هائل من عملية اللف و الدوران ، و الإغراق في التفاصيل التي تضعها إسرائيل عراقيل جديدة للمزيد من المماطلة المملة أو التعجيز و التعقيد للا اتفاق على شيء ؟! 
اتفاق مبدئي على زيادة عدد الأسرى الذين سيُفرج عنهم، الموجودين لدى "حماس"، التي ستقدم تقريرًا مفصلًا عن كل أسير إلى الوسطاء .
سيتم المراوحة  حول " العدد " لفترة قادمة لا نعرف مداها و لا بالضبط العدد المطلوب الإفراج عنه، سواء جملة واحدة أو بالتقسيط كما حصل في الدفعات السابقة؟!

كل يوم .. مقترح !

أما نقاش بقاء قادة "حماس" في غزة مؤجل لمرحلة لاحقة .
هذه المعضلة التي لم تجد لها الحرب الطويلة حلا و كل الإجتماعات السابقة و لا نعتقد في الوقت القريب حلا مرضيا لطرفي الصراع المباشر و لا للسلطة الفلسطينية ذاتها التي تسعى جاهدة للاستفراد بحكم غزة من دون " حماس " ؟!
الولايات المتحدة أبلغت الوسطاء أنها ستضغط على إسرائيل للقبول بالمقترح الجديد
البلاغ المبين من أميركا غير واضح، نوع الضغط  أيضا غير معلوم، و حتى لو علم ، فليس في الأفق المنظور ضامن لموافقة إسرائيل عليه !
الاتفاق الجديد يضمن بلورة اتفاق لدخول المساعدات وفتح المعابر 
حتى اللحظة، الزمن بانتظار " بلورة اتفاق " بحاجة إلى " البلور السحري " ليعطي مفعوله ، لعل وعسى المساعدات التي أكل عليها الدهر و شرب و تسمم منه ، يتم الإفراج عنها و عن محبوس في الأزمة .
الوسطاء في المرحلة قبل الأخيرة لصياغة اتفاق وقف النار وتبادل الأسرى ، و يسعون مع  الولايات المتحدة للوصول إلى اتفاق قبل نهاية الشهر الحالي ( العربية -  14  / 4 / 2025 ) 
نترك هذه النهاية للمراقب عن قرب أو عن بعد، فالمسافات لم تعد إشكالية ؟! 
ماذآ قدمت إسرائيل في الإجتماع مع الوسطاء ؟ و على ماذا ستقدم عليه؟! إسرائيل تُقدم ورقة للوسطاء تتضمن إطار عمل لوقف النار بشكل مؤقت لـ45 يومًا 
و قد اقترحت بدء مفاوضات وقف النار و"نزع سلاح حماس" في يوم الهدنة الثالث  . ( قناة العربية - 14 / 4 / 2025 ) 
و قامت حركة "حماس" بالرد على 
مقترح إسرائيل الجديد بأنه : لا يعلن الالتزام بوقف الحرب تمامًا ويريد إعادة الرهائن فقط ، و نحن 
جاهزون لتسليم كافة الرهائن "دفعة واحدة" مقابل وقف الحرب والانسحاب من قطاع غزة ،

العودة .. المراوغة!

و عن مصدر فلسطيني كذلك قوله 
بان : المقترح الإسرائيلي مختلف عن المقترح المصري؛ حيث يشترط نزع سلاح "حماس" ويقلص مدة الهدنة إلى 45 يومًا بدلًا من 70 ، و يقضي بإعادة تموضع القوات الإسرائيلية في غزة بدلًا من انسحابها ( 14 / 4 / 202 ) 
عادت إسرائيل مرة أخرى إلى المراوغة ، و  هي في غمرة الحرب الثانية ، و لا تثبت على أي مقترح مقدم لا من الوسطاء و لا من غيرها، حتى إن كان مقترحها هي  .
أمامنا ثلاثة مواقف ، يفترض أن تكون معتبرة في ميزان " الإنسانية " المجردة من جميع الحمولات الأيديولوجية ، إذا لصوت السياسة آذان صاغية  و إن لم تكن واعية ! 
تطالب الخارجية الفلسطينية بالوقف الفوري لجرائم الإبادة والتهجير والنزوح القسري هو المدخل الصحيح لحماية المدنيين في غزة ، و تناشد حركة "حماس" ، المجتمع الدولي بإعادة الاعتبار لمنظومة المواثيق الدولية التي تنتهكها حكومة مجرم الحرب نتنياهو ، أما نداء الإنسانية غير المعترف به لدى نتنياهو صدر من 
الأونروا التي لم تسلم من القصف الإسرائيلي مرات تعلن للعالم أجمع بأن : المخزونات التي دخلت خلال وقف إطلاق النار قد نفدت الآن ونواجه مرة أخرى احتمال حدوث المجاعة في غزة . ( 15 / 4 / 2025 ) 
ليس بالضرورة ، و لا بالإمكان الطرق على باب إسرائيل الملحوم بالأساطير أن يفك هذا الباب بالترحاب ؟!
اسمع  لوزير الدفاع مِن وراء هذا الباب : إسرائيل لن تسمح بدخول أي مساعدات إنسانية غزة؛ للضغط على "حماس" ، و سياستها في غزة تتمثل "أولًا وقبل كل شيء، في بذل كل جهد ممكن لإطلاق سراح جميع الرهائن" (   صحيفة الشرق الأوسط - 17 / 4 / 2025 )

7 أكتوبر .. آخر ؟!

أما رئيسه " نتنياهو " فيرد بقوله :
إذا لم نقض على قدرات "حماس" العسكرية فإن "7 أكتوبر" سيُعيد نفسه و لن أرضخ لدعوات إنهاء الحرب في قطاع غزة "قبل الأوان"  
و يبرر فعله بأن " حماس" رفضت مقترحًا بالإفراج عن نصف المختطفين الأحياء والقتلى و يصر بأنه لن يقبل بالشروط التي وضعتها "حماس" لأنها تريد إخضاعنا، وإذا حدث ذلك فإن كل الإنجازات ستذهب من دون نتيجة ( 20 / 4 / 2025 ) 
مصادر من حركة "حماس" تسعى إلى الترويج لمبادرتها الجديدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتريد دعمًا من تركيا لنقل رؤيتها إلى إدارة ترامب، في ظل "العلاقات الجيدة بينهما" ، و تبني موقفها تجاه الدعم التركي استنادًا إلى تصريحات  أميركية تلمّح بوقف الحرب مقابل تسليم الرهائن، رغم رفض إسرائيل .
تستخدم الحركة وسطاء آخرين، مثل قطر، للضغط على واشنطن لتأدية دور أكبر في التأثير على إسرائيل ، و تعوّل على دور أميركي لحل الأزمة قبل زيارة "ترامب" المرتقبة إلى المنطقة، التي يبدو أنه يريد لها أن تتم بينما تتوقف الحرب بغزة ( الشرق الأوسط - 22 / 4 / 2025 ) 1094