السيسي في قمة بغداد: لا سلام دون دولة فلسطينية مستقلة ورفض كامل لتهجير أهل غزة

شارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم، في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة في دورته الرابعة والثلاثين، والذي انعقد في العاصمة العراقية بغداد، بحضور عدد من القادة والزعماء العرب، لمناقشة القضايا الإقليمية الملحة وفي مقدمتها تطورات الأوضاع في قطاع غزة، وسوريا، والسودان، وليبيا، والصومال، إلى جانب سبل تعزيز العمل العربي المشترك.
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، أعرب الرئيس السيسي عن شكره للرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد على كرم الضيافة، ولملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على جهوده خلال رئاسة الدورة السابقة، مؤكدًا أن القمة تنعقد في توقيت بالغ الحساسية، تتطلب فيه المنطقة العربية وقفة موحدة لمواجهة التحديات، بإرادة لا تلين، حفاظًا على الأمن القومي العربي، وصونًا لحقوق الشعوب ومقدراتها.
وأكد الرئيس أن القضية الفلسطينية تمر بمرحلة من أخطر مراحلها وأكثرها دقة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لجرائم ممنهجة وممارسات وحشية في قطاع غزة، على مدار أكثر من عام ونصف، تهدف إلى محوه وإجباره على التهجير القسري. وأضاف أن قطاع غزة يشهد عملية تدمير شامل جعلته غير قابل للحياة، في وقت لم ترحم فيه آلة الحرب الإسرائيلية طفلًا أو شيخًا، واتخذت من التجويع والحرمان من العلاج سلاحًا، مما أدى إلى نزوح نحو مليوني فلسطيني داخل القطاع، في انتهاك صريح للقانون الدولي.
وأوضح أن مصر كثفت جهودها السياسية منذ أكتوبر 2023 لوقف نزيف الدم الفلسطيني، وسعت بالتنسيق مع قطر والولايات المتحدة للوصول إلى وقف لإطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، مشيرًا إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب نجح في التوصل إلى اتفاق للتهدئة في يناير 2025، لكنه لم يصمد بسبب تواصل العدوان الإسرائيلي. وأكد السيسي أن مصر لا تزال تواصل جهود الوساطة بالتعاون مع شركائها، وهو ما أسفر مؤخرًا عن إطلاق سراح الرهينة الأميركي-الإسرائيلي عيدان ألكسندر.
وتطرق الرئيس في كلمته إلى نتائج قمة القاهرة العربية غير العادية التي دعت إليها مصر في مارس 2025، والتي أكدت الرفض العربي القاطع لأي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني، وتبنت خطة لإعادة إعمار قطاع غزة دون المساس بحقوق سكانه، في ظل دعم عربي وإسلامي ودولي واسع لتلك المبادرة. وشدد الرئيس على أن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام العادل والدائم، مؤكدًا أن اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل لن تكون كافية لتحقيق الاستقرار الإقليمي ما لم يتم إنهاء الاحتلال.
ودعا السيسي الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ممارسة الضغط اللازم لوقف إطلاق النار فورًا، تمهيدًا لإطلاق عملية سياسية جادة تقود إلى تسوية شاملة تحت رعاية دولية، تضمن إنهاء الصراع التاريخي وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته.
وعلى صعيد الأزمات الإقليمية الأخرى، حذر الرئيس من خطورة الوضع في السودان، داعيًا إلى وقف فوري للقتال، وتوحيد الجهود من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السودانية، ورفض محاولات تشكيل حكومات موازية. كما أكد أهمية الحفاظ على وحدة الدولة السورية واستثمار رفع بعض العقوبات لصالح الشعب السوري، بالتوازي مع انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الجولان.
وفي الملف الليبي، شدد على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة، وخروج كافة القوات والميليشيات الأجنبية، بما يضمن استعادة الدولة الليبية لاستقرارها. وفي اليمن، شدد على أهمية الوصول إلى تسوية سياسية شاملة تعيد الأمن والاستقرار، وتؤمّن الملاحة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر. كما جدّد دعم مصر الكامل للصومال، مع رفض أي محاولة للنيل من سيادته، والدعوة إلى دعم الحكومة الصومالية في مواجهة التحديات الأمنية.
واختتم الرئيس كلمته بالتأكيد على أهمية توحيد الصف العربي، وتغليب المصالح القومية، والعمل معًا على تسوية النزاعات والقضايا المصيرية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، قائلاً إن شعوب الأمة العربية تستحق مستقبلًا يليق بتاريخها المجيد، وإن هذه القمة تمثل خطوة حاسمة نحو مستقبل أكثر استقرارًا ووحدة للعالم العربي.