الأحد 15 يونيو 2025

محمد الشاهد يكتب : محمد شاهين.. فنان ابن بلد وأصيل لا يستحق الهجوم

الفنان محمد شاهين
الفنان محمد شاهين

 


في زمن أصبحت فيه الخصوصية رفاهية، والتعاطف عملة نادرة، يتعرض كثير من الفنانين لهجوم لا مبرر له، لا على أعمالهم أو مواقفهم العامة، بل على تفاصيل حياتهم الشخصية. الفنان محمد شاهين كان آخر من طاله هذا النوع من النقد القاسي وغير العادل، بعد إعلان زواجه من السيدة رشا. وبينما كان من الطبيعي أن يتلقى التهاني والتمنيات بالسعادة، فوجئنا بموجة من الانتقادات، بعضها جارح، وبعضها يتجاوز حدود الذوق والإنسانية.

لكن قبل أن نحكم على أي شخص، خاصة إن كان فناناً له محبين وتاريخ، من المهم أن نرجع خطوة للوراء ونسأل: من هو محمد شاهين؟ وماذا نعرف عنه حقاً؟

محمد شاهين مش مجرد نجم ظهر من برامج اكتشاف المواهب واختفى، بل هو واحد من الأصوات القليلة اللي قدرت تفضل موجودة وتفرض نفسها، مش بالصخب، لكن بالاجتهاد، والصوت الدافي، والحضور الصادق. لكنه كمان، وأهم من كونه فنان، هو إنسان ابن بلد بحق. اللي يعرفه عن قرب، يعرف إنه شخص “جدع” بمعنى الكلمة، لا بيتأخر على حد، ولا بيشيل في قلبه، ودايماً سبّاق في فعل الخير، حتى لو محدش شافه أو صوّره.

مش مرة ولا اتنين، نسمع عن فنانين بيتعاملوا مع شهرتهم بتعالٍ أو تصنّع. لكن محمد شاهين عمره ما كان من النوع ده. دايماً بسيط، طبيعي، قريب من الناس، وبيتعامل بتواضع واضح مع كل من يقابله. ناس كتير اشتغلت معاه بتحكي عن “أخوّة” حقيقية بتجمعهم بيه، مش مجرد زمالة عمل. وده اللي بيخليه محبوب مش بس من جمهوره، لكن كمان من زملائه في الوسط الفني.

أما عن زواجه من رشا، فالسؤال اللي بيطرح نفسه: هل أصبحت اختيارات القلب مادة للحكم الجماعي؟ هل لازم كل فنان يختار شريك حياته بناءً على رضا الناس أو موافقة الجمهور؟ محمد اختار على طريقته، وبحسب ما يرتاح له قلبه، وهو ما يخصّه وحده، ولا يخص غيره. السوشيال ميديا مش المفروض تبقى ساحة محاكمات، ولا الناس قضاة على المشاعر والعلاقات.

اللي اختاره شاهين لا يقلل من فنه، ولا من قيمته كإنسان، بل بالعكس، يثبت إنه مازال كما عهدناه: حقيقي، صادق، وراجل بيعرف هو عايز إيه، وبيمشي وراه مهما كانت الضغوط. وده في حد ذاته شجاعة، تستحق الاحترام مش الهجوم.

إحنا كمجتمع محتاجين نراجع نفسنا. ليه بنحب نحاسب الناس على تفاصيل لا تعنينا؟ وليه بننسى إن كل شخص منّا عنده حكاية، وخياراته في الحياة مش بالضرورة لازم تعجب الكل؟ الحياة مش فيلم بنكتب نهايته على مزاج الجمهور، والحب مش معادلة رياضية فيها إجابة واحدة صحيحة.

محمد شاهين، سواء كنت من متابعيه أو لا، فنان محترم، وإنسان له كل التقدير. وأي محاولة للتقليل منه بسبب قرار شخصي، ما هي إلا انعكاس لأزمة أوسع في طريقة تعاملنا مع المشاهير، ومع بعضنا كبشر.

في النهاية، علينا أن نعيد النظر في طريقتنا في التعامل مع المشاهير. فهم ليسوا شخصيات كرتونية وُجدت لإرضائنا طوال الوقت، بل بشر مثلنا، من حقهم أن يعيشوا، يحبوا، ويخطئوا أحياناً، دون أن يكونوا هدفاً دائماً للاتهامات والتجريح.