عبد الفتاح موسي يكتب: جرذ … بالزي الرسمي
هل تعلم يا عزيزي لماذا كان الجرذ سُبّة؟
لأن لديه من الصفات ما يجعلك تَشْمَأِز قبل أن تراه.
حيوان لا يعرف إلّا العتمة، ولا يتحرك إلّا خلسة،
يتغذى على الخراب، ويتسلّل من الشقوق والفتحات الضيقة،
لا يواجه… بل يهرب، لا يبني… بل يسرق،
يمرّ فيترك خلفه قذارة وفسادًا،
حتى صوته إن خرج خرج متآمرًا، خافتًا، يشبه سرًّا دنيئًا يتسلل في منتصف الليل.
نعم يا عزيزي لا أقصد الحيوان … فهو لم يختر أن يُخلق في البلاليع، ولم يصنع لنفسه طبعه.
أنا أتحدث عن إنسان اختار أن يكون جرذًا .
ذاك الذي لا يعيش إلا في بيئة فاسدة،
ولا يقدر على مواجهة النور لأنه يفضح عفنه،
يحيا بالخُلسة، ويتنفس الخبث،
و يتغذى على تعب غيره، يسرق ما له وما ليس له،
لا يعرف قيمة، ولا يحترم أمانة، ولا يردّ معروفًا،
ولا يرى الناس إلا أدوات يستغلّها أو يدهسها إن عارضته.
والمأساة يا عزيزي أن الناس كلهم يشمئزون منه…يشعرون بقبح نفسه، و عفن سيرته،
لكنهم إن ابتسموا في وجهه فليس حبًا، وإن صافحوه فليس تقديرًا، بل خوفًا من غضبه وخبثه وأذاه الذي يلاحق كل من يقف أمام مصلحته.
كم ضحك الناس في وجهه مجاملة، وهم لا يطيقون رائحة أنفاسه الثقيلة، ولا يحتملون ابتساماته المسمومة،
ذلك الضحك المزيف الذي يخفي خلفه قلوبًا تقول:
“اللهم اكفنا شره ولا تُظهر سطوته علينا.”
إنه الجرذ الإنساني؛
يعيش على فساد الآخرين،
يهرب عند المواجهة،
ويتباهى بما سرق لا بما بنى.
فالملابس لا تطهّر النفس،
ولا المكان يرفع من شأن الساقط،
إنما هي الروح الخبيثة التي تجعل المرء جرذًا…
ولو لبس أفخم الثياب وتظاهر بأطيب الكلام…يظل جرذا