منيرة محمود تكتب : مصر... حين يصمت الآخرون ويتكلم الكبار!!

في مشهد إقليمي باتت فيه المواقف رمادية والمصالح تطغى على المبادئ تبرز مصر بثباتها التاريخي وقيادتها الواعية لتكون صوت الحق في زمن تعالت فيه لغة القوة وسقطت فيه كثير من الأقنعة.
ما بين خذلان عربي وصمت دولي ودمار ينهش قطاع غزة بلا رحمة وقفت القاهرة على الضفة الأخرى تحمل على عاتقها ما تقاعس عنه كثيرون فمنذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر ٢٠٢٣ لم تتوقف مصر عن أداء دورها لا بالصوت فقط بل بالفعل وساطة إغاثة دعم سياسي ورفض مطلق لأي محاولة لطمس القضية أو تهجير أهلها.
وفي القمة العربية الرابعة والثلاثين المنعقدة هذا الأسبوع في العاصمة العراقية بغداد كان صوت الرئيس عبد الفتاح السيسي هو الأكثر وضوحًا ومبدئية كلمة مصر لم تكن مجرد خطاب بل وثيقة سياسية تحمل رؤية ثابتة أكدت من جديد أن القضية الفلسطينية ليست مجرد بند في جدول بل قضية وجود وكرامة أمة.
قالها الرئيس السيسي بوضوح لا يحتمل التأويل حتى لو نجحت إسرائيل في إبرام اتفاقيات تطبيع مع كل الدول العربية فإن السلام سيظل بعيدًا ما لم تُقم الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.
هذه ليست شعارات بل مواقف مجذّرة في ثوابت الدولة المصرية التي لم تساوم يومًا على فلسطين ولم تقايض الحق بالهدنة أو المبادئ بالمصالح.
وبينما انشغل البعض بإبرام صفقات كانت مصر تنقذ الجرحى وتدير الوساطات وتواجه الضغوط وتحمل المجتمع الدولي مسؤوليته ومع كل محاولة لإخماد الصوت الفلسطيني كانت مصر ترفعه من جديد مدعومًا برصيد تاريخي من النضال والتضامن.
إن موقف مصر في هذه اللحظة المفصلية لا يعبر فقط عن سياسة دولة بل عن ضمير أمة ورؤية قيادة وعزة شعب لا يعرف الهزيمة ولا يقبل الظلم.
ووسط الحطام السياسي الذي يحيط بالمنطقة يظل الموقف المصري شمعة مضيئة في الظلام تذكر الجميع أن القضية لا تزال حية طالما هناك من يحملها بصدق.
في زمن خفتت فيه الأصوات تبقى مصر صوت العروبة النقي حين يُسكت الآخرون.