الأربعاء 17 سبتمبر 2025

حكاية أثر | التمساح المقدس والطفلة المذهبة داخل أروقة المتحف المصري الكبير

باور بريس

 

داخل أروقة المتحف المصري الكبير، تتجسد أسرار الحضارة المصرية القديمة في قطع أثرية قد تبدو غريبة للوهلة الأولى لكنها تحمل بين طياتها قصصًا إنسانية ودينية عميقة ومن أبرز هذه الكنوز المعروضة مومياء التمساح المقدس، ورفات طفلة صغيرة مطلية بالذهب إلى جانب أقمشة دفن نادرة تكشف طقوس المصريين القدماء ومعتقداتهم عن الحياة والموت

لم يكن التمساح بالنسبة للمصريين القدماء مجرد حيوان يعيش في مياه النيل، بل كان تجسيدًا للإله "سوبك"، إله الخصوبة والمياه والحماية ومن هنا جاءت عادة تحنيط التماسيح وتقديمها كقرابين في المعابد.
المومياء المعروضة في المتحف المصري الكبير تعود إلى أكثر من ٤ آلاف عام وقد حُنطت بعناية مذهلة بلفائف الكتان المثير للدهشة أن بعض الدراسات الحديثة أوضحت أن ما يبدو مومياء لتمساح واحد قد يخفي بداخله عشرات التماسيح الصغيرة الملفوفة معًا، في إشارة رمزية إلى فكرة التجدد والحياة بعد الموت.

إلى جوار التمساح يطل على الزائرين أحد أكثر المشاهد المؤثرة مومياء طفلة صغيرة مغطاة بقناع مذهّب هذا القناع لم يكن مجرد زينة بل كان محاولة لإظهار الطفلة في هيئة امرأة ناضجة حتى تُبعث في الحياة الأخرى ككائن مكتمل.


هذا الأسلوب يعكس مدى إيمان المصريين القدماء بفكرة الخلود وكيف كان الآباء يسعون لضمان أبديّة أبنائهم حتى وإن رحلوا صغارًا.

كما يعرض المتحف أيضًا مجموعة من أقمشة الدفن المحفوظة بحالة جيدة والتي تُظهر تقنيات المصريين في إعداد الجسد للرحلة الأبدية لم تكن هذه الأقمشة مجرد خامات عادية بل حملت رموزًا وألوانًا مقصودة تؤكد على الطقوس الدقيقة التي اتبعها الكهنة في تجهيز الموتى للانتقال إلى العالم الآخر.

هذه القطع الثلاثة – التمساح المحنط، الطفلة المذهبة، وأقمشة الدفن – ليست مجرد بقايا أثرية صامتة بل هي صفحات من كتاب الحضارة المصرية تكشف جانبًا إنسانيًا وروحيًا يعكس نظرة المصري القديم للحياة والموت والخلود.
إنها آثار تنطق بعد آلاف السنين لتؤكد أن الحضارة المصرية لم تُبنَ فقط بالذهب والتماثيل بل أيضًا بالإيمان والرموز وطقوس أراد بها المصري أن يضمن لنفسه ولأحبته مكانًا أبديًا في عالم الخلود.