الجمعة 05 سبتمبر 2025

دراسة توصي بضرورة تعديل النموذج المالي الحالي لشركات قطاع البترول المصري

باور بريس

رصدت دراسة حديثة توصيات لزيادة إنتاج قطاع النفط والغاز المصري ضمن الجهود الحكومية لمواجهة تحديات القطاع الذي يؤدي دورًا رئيسًا في تحقيق أمن الطاقة للبلاد، ومحوريًا في تحريك الاقتصاد.

وترى الدراسة الصادرة عن مركز العدل لدراسات السياسات العامة أن الإصلاح المالي والمؤسسي هو العنصر الأساس المطلوب حاليًا لجذب استثمارات جديدة في النفط والغاز، مؤكدة أن هيكلة القطاع يعزز دور البلاد بصفتها فاعلًا إقليميًا بمجال الطاقة.

وتقدر أن تحول مصر إلى بلد مستورد للغاز لتلبية الاستهلاك المحلي المرتفع قد تسبَّب في عبء مالي إضافي يصل إلى 10.4 مليار دولار سنويًا، مرجعة ذلك إلى اتّساع الفجوة بين تكلفة الغاز المحلي والمستورد.

وتضاعفَ متوسط تكلفة الغاز لكل مليون وحدة حرارية بريطانية من 4 دولارات للمنتج محليًا إلى 8 دولارات للغاز المستورد، ما يجعل أمن الطاقة عُرضة لتقلبات الأسعار في السوق العالمية، بحسب الدراسة.

ترى دراسة مركز العدل أن النموذج المالي الحالي لشركات قطاع النفط والغاز المصري (مشاركة الإنتاج) لا يسهم في تلبية احتياجات الاستثمار عالي المخاطر، ويزيد من تعقيدات الحوكمة والشفافية.

وتشير إلى وجود 3 جهات مركزية لها أدوار متداخلة متمثلة في شركات "الهيئة المصرية العامة للبترول، والمصرية القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس)، وجنوب الوادي المصرية القابضة للبترول"، ما يُضعف القدرة على صياغة رؤية موحدة لقطاع النفط والغاز.

 

ويتشكل القطاع من 125 شركة مملوكة للهيئة العامة للبترول مثل "إنبي وبتروجت"، و35 شركة مشتركة تقوم بالعمليات الإنتاجية مثل "جابكو وبتروبل"، و40 شركة أجنبية عاملة في أنشطة البحث والتنقيب، يحكمها ما بين 120و140 اتفاقية بحث وتنقيب.

وبحسب دراسة مركز العدل، الذي يشرف عليه الخبير الاقتصادي والبرلماني السابق الدكتور محمد فؤاد،،فإن بعض شركات القطاع مثل (جابكو، وبتروبل) تعاني من تضخّم العمالة مقارنة بمستوى الإنتاج، الأمر الذي يزيد من التكاليف التشغيلية.

واستعرضت مثالًا بشركة طاقتها الإنتاجية من النفط لا يتجاوز 50 ألف برميل يوميًا، ومع ذلك تُدار بآلاف الموظفين، في حين يمكن إدارتها بكفاءات أقل بكثير.

 

عدَّت دراسة حزب العدل أن النموذج المالي الحالي، الذي يدار به قطاع النفط والغاز المصري، أصبح أقل جاذبية مع ارتفاع المخاطر وتعقيدات الاستثمار، خاصة في المياه العميقة للغاز أو الحقول الحدودية.

وشددت على ضرورة تصميم إطار مالي موازٍ بجانب نموذج المشاركة، يمكن أن يُطرح للمناطق الجديدة عالية المخاطر والتعقيد الفني.

ويوضح ذلك أن الدراسة ترى ضرورة تبنّي التنوع في الأدوات المالية لمواجهة تنوّع التحديات الجيولوجية والفنية، وليس إقرار صيغة واحدة.

كما دعت إلى ضرورة تحديد الدور المستهدف لقطاع النفط والغاز المصري للسنوات الـ10 المقبلة، مشددةً على أن أيّ تعديل في الإطار المالي لا يمكن أن ينفصل عن رؤية الدولة لمزيج الطاقة.

 

وتؤكد أن وضوح رؤية القطاع فيما يتعلق بتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير والتحول إلى مركز إقليمي، يجعل التعديل المالي والإداري انعكاسًا لإستراتيجية وطنية، وليس مجرد تغيير في صيغة عقود أو نسب مشاركة.

ومن شأن هذه الخطوات المساعدة في إنعاش إنتاج مصر من النفط الخام، الذي استقرّ للشهر الرابع على التوالي خلال يونيو الماضي عند 507 آلاف برميل يوميًا،

وفقًا للدراسة، هناك جزء كبير من حقول النفط في مصر متقادمة، ما يشير لأهمية السياسات التحفيزية التي تسمح بتطبيق تقنيات الاستخلاص المعزز للنفط.

وتؤكد أن تقديم حوافز خاصة للشركات في هذه المناطق يسهم في زيادة العمر الإنتاجي للحقول، ويؤخّر التراجع الهيكلي في الإنتاج.

يُذكر أن قطاع النفط والغاز المصري ينفّذ خطة لزيادة إنتاجه من الحقول المتقادمة، ومنها منطقة الصحراء الغربية، وهو ما نتج عنه تحقيق البلاد أكثر من اكتشاف في الأشهر الأخيرة.

وفي يونيو 2025، نجحت الشركة العامة للبترول في تحقيق كشف نفطي بمنطقة حقول أبو سنان المتقادمة في الصحراء الغربية، بمعدلات إنتاج أولية تصل إلى 1400 برميل نفط خام يوميًا، ومليون قدم مكعبة غاز يوميًا من طبقة البحرية، بالإضافة إلى مليوني برميل قابل للاسترجاع إلى الاحتياطي.

وفي الوقت نفسه، تستعمل البلاد تقنيات الذكاء الاصطناعي في الحقول المتقادمة التي تعاني النضوب الطبيعي بفعل الإنتاج التراكمي على مدار السنين.

وأسهم تطبيق قطاع النفط والغاز المصري الذكاء الاصطناعي في إعادة الاستخراج داخل الحقول المتقادمة لتحقّق اكتشافين مهمين بحقول الصحراء الغربية هما "GPS" و"GPR"، بإجمالي إنتاج بلغ 2700 برميل يوميًا.

تُوصي الدراسة الصادرة عن مركز العدل لدراسات السياسات العامة، بتحديث قواعد البيانات السيزموجرافية لقطاع النفط والغاز المصري، بصفتها خطوة ضرورية لتعزيز القدرة على تحديد فرص استكشاف جديدة.

وتسهم تحديثات البيانات الجيولوجية في خفض درجة المخاطرة، وتزيد من جاذبية مصر لدى شركات النفط العالمية الباحثة عن وضوح وشفافية أكبر قبل ضخ استثمارات بمليارات الدولارات.

يُذكر أن قطاع النفط والغاز المصري يمتلك "بوابة مصر للاستكشاف والإنتاج" وهي عبارة عن منصة رقمية لإتاحة بيانات أنشطة البحث والاستكشاف لعرض الفرص الاستثمارية والترويج لها من خلال مزايدات عالمية، إذ تقدّم المنصة بيانات جيولوجية وجيوفيزيائية دقيقة.

وكانت شركة جنوب الوادي المصرية القابضة للبترول قد وقّعت في يونيو الماضي اتفاقية تستهدف تنفيذ مشروع مسح سيزمي ثنائي الأبعاد باستعمال تقنية النودز الأرضية، بالتعاون مع شركة أردايسيس إيجيبت برانش (Ardiseis Egypt Branch9).

ويغطي المشروع مساحة تصل إلى 103 آلاف كيلومتر مربع، بأطوال خطوط تبلغ نحو 5233 كيلومترًا.