السبت 11 أكتوبر 2025

دكتور عبدالله العوضي يكتب: " ترامب " في المائة الثالثة .. أعجب و أستغرب ؟!

باور بريس

 ترامب " في   المئة الثالثة من و لايته الثانية ،  و يحلم بولاية ثالثة ، لا زال ماض في مسح الحلم الأميركي من وجدان الآخرين لأجل دولة  " صهيونية " وضعت " التلمود " و التوراة " دليلا سياسيا لتحقيق  حلم " الدولة الكبرى " على حساب الحلم الأميركي ؟! 
أميركا التي أنقذت أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية عبر صندوق " مارشال " لا تحتاج إلى شماعة " الصهيونية " لكي تصبح " أعظم " ، بل تحتاج إلى قليل من " التواضع " لكي تصبح أكثر عظمة بقيمها المعروفة! 
منذ سبعينيات القرن الماضي ، كانت أميركا على شفايفنا " نغم " و لدى بعض شعوب الأرض " حلم " ذهب في عرضها ركبان " هوليوود " في تجسيده على الواقع هناك .
من هي أمريكا الوقت الراهن أو " الضائع " ؟!


الأنانية .. الأميركية؟!

جاء الزمن الذي يصف البعض أميركا في قالب من " الأنانية " سر تطور و تدهور البشرية. 
الأنا دفعهم للإبداع و الإبتكار، و تدفعهم نحو الظلم و التسلط . لو تجلت الأنانية في دولة، فهي الولايات المتحدة. سبب تطور البشر و سبب تدهورهم. فهي المنتج الأول للاختراعات والحلول و الاقتصاد، و المخترع الأول للسلاح و السفك و امتصاص الشعوب. 
دولة تطورها / تحكمها الشركات. الدولة بكل رماحها و قنابلها في خدمة الشركات.
الشركات في خدمة الفرد. الشركة هي الوظيفة.
الوظيفة هي الديانة الرسمية للولايات المتحدة الأميركية.
تعلّم  الأميركان ألا يتحاربوا مثل الأوربيين و يبقوا متحدين.
قضوا على التقاتل بفكرة تداول السلطة بلا عنف. بنوا دولة من إحدى و خمسين دولة.
سوق تجاري ضخم لا يتسع إلا للعمالقة. أعطوا حرية الكلام الفارغ للشعب و تركوا القوة الحقيقية بيد الشركات.
الطريق أمامي واضح في هذه البلاد: التحالف مع الشركات.
لكي تتحالف مع الشركات، فلا يكفي أن تتنازل عن مبادئك. 
يجب أن تتنازل عن كاملك ، عن حقيقتك، عن رسالتك، و تذبح نفسك قربانا لهم.
(المصدر : ص 465 / رواية " سفر القهوة " - عبدالكريم الشطي: 2022 ).

ترامب في جلباب .. برايمر

تمر فلسطين و غزة على وجه الخصوص، بمرحلة يصعب التوقع حولها ، لتسارع وتيرة الأحداث في المنطقة العربية المعنية بالقضية الفلسطينية التي يطلق عليها في كل مناسبة صفة " المركزية " 
في لحظة تاريخية فارقة يعين " ترامب " نفسه رئيسا ل " غزة " التي سواها " نتنياهو " بالأرض " ، و عين " بلير " نائبا له ، كما عُين " برايمر " حاكما للعراق في فترة رئاسة " بوش الابن " بعد غزوه في 2003 ، و قد أدى " دوره بإتقان في أمرين رئيسيين، حلّ الجيش العراقي الأقوى بعد الجيش اليوغوسلافي السابق، و نصب " الطائفية " حاكما للعراق من بعد رحيله حتى الساعة ؟! 
بعد الإحتلال الأميركي للعراق ، جاء الدور على فلسطين و ليس غزة وحدها ، لتذوق وبال ثلاثة احتلالات في آن واحد ،  ( أميركي - بريطاني - إسرائيلي ) ، و لكن تحت مظلة " مجلس السلام " . 
ننتقل إلى حديث " ترامب " ، بصفته رئيسا ل " غزة " ، خلال 
مؤتمر صحفي مشترك مع " بيبي " أول من رشحه لنيل جائزة " نوبل للسلام " الذي سيرسي دعائمه في " غزة و في العالم ، فإن لم يقم " ترامب بذلك ، فمن غيره يضرب على صدره و يقول كما تقول العرب في الأمثال : " أنا لها " عندما يشتد النزال ، و هل هناك نزال أكبر اليوم مما يحدث في فلسطين الكبرى ، و في أوكرانيا  ، و اليمن و الصومال و لبنان و سوريا و إيران و في غيرها من البلدان من حول العالم ، حتى " فنزويلا " 
ترى ماذا في دلو " ترامب " ، حتى يقيم العالم على قدميه التي أصابها الوهن ، لثقل الحِمل و الحَمل ؟! 
حدثنا " ترامب عن " نتنياهو " قائلا  :  أنه وافق على مقترح السلام وإنهاء الحرب في غزة، وخطتنا ستضمن نزع السلاح في غزة وتدمير الأنفاق ، و هو يعارض بشدة قيام دولة فلسطينية وأنا أتفهم ذلك، والإسرائيليون كانوا كرماء بالتخلي عن قطاع غزة  . ( 29 / 9 / 2025 )
و إذا رفضت حماس خطة السلام سيكون لنتنياهو الحق في أيّ فعل يقوم به .
ضوء أخضر مبدئي بالمطلق  ل " بيبي " للقيام بما لم يقم به طوال السنتين من " الإبادة الجماعية " ؟!
و لأول مرة في تاريخ السياسة الدولية يدخل " ترامب " مصطلح " كرم " المحتل عندما يتخلى عن الأرض اليباب و البور الذي تركه خلفه ؟! 
في دولة تتغنى بالديمقراطية في جميع مفاصلها " ترامب " يقول  : 
سأكون رئيسًا لهيئة دولية جديدة تراقب لجنة إدارة غزة بمشاركة توني بلير  ، 
و مجلس السلام برئاستي سيكون مسؤولًا عن تشكيل الإدارة المؤقتة لغزة، بمشاركة فلسطينيين وغيرهم من دون حماس 
( 29 / 9 / 2025 )
من أعطى الحق ل " ترامب " هذه الصلاحيات الخارجة عن الأعراف و القوانين الدولية  ، لماذا يفترض ترامب أن الشعب الفلسطيني عاجز عن إدارة شؤونه الداخلية، و من قال بأن المحتل المختل قادر للقيام بذلك بدلا عن الشعب ، فليرفع المحتل يده عن فلسطين كلها ليوم واحد ثم يرى النتيجة شاخصة أمامه ؟! 
هناك نقطة جوهرية في اجتماع الجمعية العمومية للأمم المتحدة " النسخة 80 “ ، و هي في اعتراف أغلبية الأعضاء بالدولة الفلسطينية المستقلة التي لا يعترف بها " ترامب + نتنياهو " و ترامب يتفهم موقف نتنياهو في رفضه لقيام دولة فلسطينية، في نفس الوقت المطلوب من الدول العربية والإسلامية تقبل ذلك من أجل السلام الدائم و الشامل في المنطقة، كيف ؟! 
نريد من ترامب أن يشرح لنا هذا اللغز السياسي في أخطر قضية شائكة في التاريخ الحديث؟!
و هو الذي يقول : سنعمل مع الإدارة الانتقالية في غزة، وسيكون هناك جدول زمني للانسحاب الإسرائيلي التدريجي ، ثم ألقى مسؤولية التعامل مع " حماس " على عاتق الدول العربية والإسلامية .
ترى قبل السابع من أكتوبر الذي سنته الثالثة بدون أمان ، من كان يتعامل مع حماس طوال سنوات ،  ابتداء بتركيا و مصر و انتهاء بقطر التي دفعت الثمن غاليا من لحم سيادتها بعد قصف " نتنياهو " بكل صفاقة و قتل  الوفد المفاوض ، و تهديد أي دولة أخرى بذات المصير ، فقط لأن أميركا أطلقت يد إسرائيل تطول أينما تريد و تشتهي؟!

خطة .. إنهاء الحرب

ليس هناك دولة  في العالم لا تريد إنهاء الحرب في غزة ، كما هي في أوكرانيا، و غيرها من المناطق الساخنة .
السعودية والأردن والإمارات ومصر وقطر ودول عربية وإسلامية أخرى يرحبون بجهود ترامب لإنهاء الحرب في غزة . ( سكاي نيوز عربية- 30 / 9 / 2025 )
و قد صدر بيان لـ"توني بلير": الموافقة على خطة ترامب ستنهي الحرب وتتيح تقديم إغاثة فورية لغزة 
أعلن البيت الأبيض عن خطة مُكوّنة من 20 نقطة لإنهاء الحرب في غزة، تتضمّن وقفًا فوريًا لإطلاق النار، وإعادة جميع الرهائن خلال 72 ساعة، مقابل إطلاق سراح أسرى فلسطينيين. 
بموجب الخطة، سيُدار القطاع «مؤقتًا» عبر لجنة فلسطينية تكنوقراطية غير سياسية، تحت إشراف «مجلس السلام»، برئاسة ترامب وعضوية قادة دوليين (منهم توني بلير)، على أن تُشرف هذه الهيئة على إعادة الإعمار وإدارة المساعدات.
حظيت الخطة بدعم أولي من دول عربية وإسلامية، بينها الإمارات، والسعودية، وقطر، ومصر، وتركيا، وإندونيسيا، إلى جانب السلطة الفلسطينية، بينما لم تُصدر حماس موافقة رسمية بَعد.
تؤكد واشنطن من خلال هذه المبادرة على عدم ضم قطاع غزة لإسرائيل، أو تهجير سكانه. في الوقت ذاته، تُمكّن إسرائيل من تحقيق انتصار عسكري وسياسي على حماس. 
تتبنّى الخطة نهج «الوصاية الدولية المؤقتة»، مع دعم دور أكبر للسلطة الفلسطينية، شرط إجراء إصلاحات هيكلية فيها، وفتح المجال مستقبلًا لإقامة دولة فلسطينية، دون التزام واضح بمواعيد أو ضمانات سياسية حاسمة.
تعاني الخطة من غياب آلية تنفيذ واضحة؛ إذ يرتبط نجاحها بتفاهمات ميدانية مُعقّدة تشمل انتشار قوات دولية، وضبط الأوضاع الأمنية، ونزع سلاح الفصائل. 
في المقابل، يواجه نتنياهو تحديًا ائتلافيًا داخليًا، على خلفية معارضة شركائه في الائتلاف الحكومي (سموتريتش وبن غفير) لقيام السلطة الفلسطينية بأي دور أو إقامة دولة فلسطينية. 
يُعزز الطابع الأميركي الطاغي على الخطة، وموقع ترامب فيها كرئيس محتمل للهيئة المشرفة على غزة، الانطباع بأنها أداة لتعزيز مكانته السياسية والدولية، أكثر من كونها مبادرة قائمة على تسوية متوازنة. 
رُغم الدعم الأولي للخطة، فإن عدم توافق تطلعات الأطراف (حماس، اليمين الإسرائيلي، الإدارة الأميركية ) يُقلل من فرص نجاحها، ما لم تحدث تحولات جذرية في موازين المكاسب والتكاليف. ( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية - 30 / 9 / 2025 )
هذا و قد ذهب الدكتور أنور قرقاش في تغريدة له إلى أن : بيان الدول العربية والإسلامية الداعم لخطة ترامب بشأن غزة يشكل دعمًا سياسيًا مهمًا لوقف الحرب المدمرة، ويمثل فرصة لإعادة إحياء حل الدولتين في ظل الاعترافات المتزايدة بالدولة الفلسطينية. إنها فرصة إنسانية وسياسية لا يجوز التفريط بها . ( 30 / 9 / 2025 )
أما وزير الأمن القومي الإسرائيلي فقد صرح بأن : الاتفاق المطروح بشأن غزة لا يحقق أهداف الحرب وخطير على أمن إسرائيل ومليء بالثغرات (  يديعوت أحرونوت - 30 / 9 / 2025 )
هكذا يتعامل اليمين الإسرائيلي المتطرف مع كل بارقة امل في انفراجة محتملة لوقف هذا النزيف المستمر منذ عقود، و ليس فقط منذ السابع من أكتوبر 2023 و الذي دخل عامه الثالث منذ يومين .

الخطة .. و بيوت الخبرة العالمية !

يجدر بنا أن نلم قليلا ، بما يدور من أفكار و آراء في أروقة مراكز البحث و الدراسات العالمية في مختلف الدول .
نبدأ بمؤسسة كارنيغي (Carnegie) التي ذكرت بأنه : لنجاح خطة ترامب يتعين على الولايات المتحدة التحرك بقوة دبلوماسيًا وسياسيًا، لضمان وفاء إسرائيل بالتزاماتها. 
وبالمثل، فإن على الأطراف الإقليمية العمل مع حماس لضمان التزامها بشرط نزع السلاح .
أما مجلس العلاقات الخارجية الأوروبي (ECFR) فإنه أكد على أن : غياب الضمانات الواضحة والقابلة للتنفيذ - وخاصة فيما يتعلق بنطاق وجدول الانسحاب الإسرائيلي - يهدد بترسيخ عملية سلام مجزأة ومدارة خارجيًا وغير ناجحة في نهاية المطاف
و كذلك بالنسبة للمجلس 
الأطلسي (Atlantic Council) الذي قال : تواجه مفاوضات السلام المتعلقة بغزة نقاطًا صعبة، مثل طبيعة القوة الدولية المقترحة لما بعد الحرب ومن سيشارك فيها، كما أن التوصل لاتفاق ينهي الحرب مرتبط بعوامل عدة مثل إطلاق سراح الرهائن، وانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة .
و ذهب معهد واشنطن (Washington Institute) إلى أن : مقترح خطة ترامب يقدّم إطارًا محتملًا لإنهاء حالة الجمود في غزة، رغم ما يواجهه الطرفان من عقبات متعددة؛ إذ يتعيّن على حماس نزع سلاحها من دون أي ضمانات تكفل سلامة قادتها، فيما يتعيّن على إسرائيل الموازنة بين رفضها لعودة السلطة الفلسطينية إلى غزة وبين فكرة إقامة دولة فلسطينية . 
و أخيرا نأتي إلى مجلس العلاقات الخارجية (CFR) حيث قال بأنه : من المحتمل أن تحقق إسرائيل وحماس تقدمًا بشأن النقاط الأولى من خطة الرئيس ترامب ــ وقف القتال وتبادل الرهائن والأسرى ــ لكنهما قد يواجها تعثرًا في المسائل طويلة الأمد  . (  مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية - 6 / 10 / 2025 )
و لكن " ترامب " في المقابل يظهر تفاؤلا ملموسا في هذا المجال حيث قال  : إنه يعتقد أن المفاوضات بشأن تنفيذ خطته للإفراج عن كافة الرهائن المتبقين لدى حماس وإنهاء الحرب في غزة ستُختتم بنجاح خلال الأيام القليلة المقبلة. يأتي ذلك بعد أن كشف مسؤولون أميركيون ممارسة "ترامب" وفريقه ضغوطًا كبيرة على كلٍ من إسرائيل وحماس للمضي قدمًا في تنفيذ الاتفاق دون تأخير (  أكسيوس  - 5 / 10 / 2025 )
هذا و قد عبر ترامب عن اعتقاده في أن هناك صفقة بشأن الحرب في غزة قريبًا، وقال إنه تم "إحراز تقدم هائل في هذا الملف"، مضيفًا أن حركة "حماس" وافقت على أمور بالغة الأهمية .  (قناة  الشرق - 6 / 10 / 2025 )
لا أحد يتمنى أي تأخير في هذا الملف ، لأن الثمن الذي يُدفع يوميا من دماء الشعب الفلسطيني لن يصير ماء و لا تضيع هدرا فهي أغلى  مما يخطر على بال نتنياهو بالذات ، و هو الذي زرع الألغام و الفخاخ  بين حروف و سطور خطة ترامب من أول يوم ، و أخطرها ، ربط استمرارية الحرب بنزع السلاح و ليس بإعادة الأسرى فحسب ؟!

خطة .. واقعية

خطة ترامب لوقف حرب غزة  تعتبر أول اصطفاف  أميركي - عربي ، واسع على إطار عملي يوقف النزف .
و قبول " نتنياهو " بالخطة من حيث المبدأ، و البيانات العربية و الإسلامية المرحبة يصنعان نافذة هي الأكثر جدية منذ عامين لإنهاء الحرب .
التحول الأكبر جاء من الدبلوماسية الخليجية والعربية المنسّقة. ضغطت الإمارات والسعودية ومصر وقطر والأردن لفرض ثلاثية لا لبس فيها: لا ضم للضفة، لا تهجير للفلسطينيين، ولا نسف لأساس حل الدولتين.
على الضفة الإسرائيلية تتبدى مفارقة لافتة؛ إذ يُظهر استطلاع أن 71% يؤيدون الخطة مع شكوك واسعة بفرص تنفيذها. ويواجه نتنياهو معارضة صلبة من اليمين المتطرف الرافض لأي مسار يتضمن انسحابًا، أو دورًا لاحقًا للسلطة الفلسطينية، أو أفقًا  و لو مشروطا لحلّ الدولتين .
المقاربة الإماراتية واقعية و إنسانية بلا ضجيج ، أبوظبي ربطت أي تقدم سياسي بمجرى مساعدات بلا قيود وبإجراءات ملموسة تعيد الكهرباء والمياه والخبز والمستشفيات للعمل، وتحوّل وقف النار إلى حياة يومية قابلة للعيش. كما دفعت، مع الرياض والقاهرة والدوحة وعمّان، نحو مأسسة الضمانات عبر قوة استقرار بغطاء دولي/إقليمي، تمويل إعادة الإعمار، ومسار إصلاحي يعيد للسلطة الفلسطينية قابليتها للحكم. هي أدوات ضبط الإيقاع كي لا تعود غزة إلى مربع الفوضى.
الرأي العام الإسرائيلي عنصر حاسم. دعم شعبي لوقف الحرب و استعادة الرهائن ، يقابله تآكل في جاذبية سردية “حرب بلا نهاية”. 
خطة ترامب ليست مثالية، لكنها الإطار الواقعي الوحيد المطروح اليوم بغطاء أميركي – عربي–إسلامي واسع، وقد نجحت في إعادة تعريف الممكن ومنع أسوأ السيناريوهات. والمهم تحويل النص إلى حياة. في السياسة كما في البحر، لا نغيّر الريح؛ بل نُحسن تعديل الأشرعة. هذه اللحظة تتطلب ذلك بالضبط.
( محمد فيصل الدوسري - العين الاخبارية-  الخميس 2 / 10 / 2025 )

غزة .. المراوحة و السيطرة ؟!

خطة ترامب تراوح حول غزة ، و لكن جيش الاحتلال يعلن السيطرة العملياتية على ممر نتساريم ، في وسط قطاع غزة ، فيما أكّد وزير الدفاع كاتس، أن «السيطرة على الممر تُشكّل خطوة نحو تشديد الحصار على مدينة غزة»، محذّرًا بأن «مَن يبقون بالمدينة سيصبحون إرهابيين وداعمين للإرهاب». 
بحسب بيان الجيش، بدأت الفرقة 99 في عملية برية تهدف إلى تعزيز السيطرة على الممر، وتعطيل القدرات العملياتية لحماس في المنطقة.
من جانبها، ندّدت حماس بهذه الخطوة، ووصفتها بأنها تصعيد أكبر لجرائم الحرب، مُتهمة إسرائيل بارتكاب جريمة تطهير عرقي وتهجير قسري.
أفادت التقارير بأن السيطرة على الممر قد تُعيد رسم خريطة قطاع غزة، من خلال فصل شماله عن جنوبه، كما توفر نقطة انطلاق للقوات الإسرائيلية لتنفيذ عمليات أعمق داخل القطاع.
في موازاة ذلك، اعتبر «المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان» أن سياسة الحصار تأتي ضمن استراتيجية إسرائيلية أوسع تستهدف إجبار المدنيين على النزوح. 
رجّح مراقبون بأن إعلان تل أبيب عن السيطرة على نتساريم في هذا التوقيت أي (بعد أقل من 48 ساعة من الكشف خطة ترامب) يعكس محاولة إسرائيلية لفرض وقائع ميدانية على الأرض لا يمكن التراجع عنها بسهولة.
تُشكّل تصريحات كاتس بأن «مَن يبقون سيُصنفون كإرهابيين» محاولة لتحميل الطرف الفلسطيني مسؤولية استمرار الحرب، واستثمار زخم تصريحات ترامب بشأن «التحذير الأخير لحماس». 
إعلان إسرائيل عن سيطرتها العملياتية على الممر قد يعكس استراتيجية متعددة الأبعاد؛ تجمع بين الضغط على حماس من خلال تقليص خياراتها في التفاوض، وتهيئة الظروف لفرض ترتيبات جديدة في القطاع ضمن أي اتفاق مستقبلي. 
في المقابل، يشير توظيف مصطلح «السيطرة العملياتية» في الخطاب الإسرائيلي، سواء في بيان الجيش أو تصريحات وزير الدفاع، إلى محاولة مدروسة لصياغة سردية مقبولة دوليًا دون الإقرار الصريح بالاحتلال. (  مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية - 3  / 10 / 2025 )
إسرائيل تتحلحل من " خطة ترامب " في العمل الميداني و ليس السياسي، فهي تفعل ما تريد، و ترامب يقول ما يحلو له ، في النهاية الميدان هو الحكم ، هذا ما نراه فيما بعد الخطة ؟! 
و لم تتأخر إسرائيل عن الطريق المرصوف سلفا ، فقد قامت بإبلاغ الولايات المتحدة نيتها إبقاء الجيش بالمنطقة العازلة لعدة سنوات (  الجزيرة  : هيئة البث الإسرائيلية - 4 / 10 / 2025 ) 
و يؤكد رئيس الأركان الإسرائيلي هذه الحقيقة في قوله : لا يوجد هدنة في غزة ولكن هناك تغيير في الوضع العملياتي وإذا لم ينجح الجهد السياسي فسنعود إلى القتال (  سبوتنيك - 5 / 10 / 2025 )

رد .. " حماس "

قبل انقضاء مدة 72 ساعة من مهلة " ترامب " أعلنت " حماس " عن ردها على خطة ترامب " و هي يفترض أن تكون الشعرة التي لا تقصم ظهر البعير ، حتى يكتمل المسير نحو السلام بدلا من " حرب السلام " ؟!
أعلنت حركة حماس، مساء  ( الجمعة الموافق 3 / 10 / 2025 )، موافقتها على الدخول «فورًا» في مفاوضات للإفراج عن جميع الرهائن المحتجزين لديها وفق صيغة التبادل المنصوص عليها في خطة ترامب، ومن خلال تهيئة الظروف الميدانية اللازمة لإتمام عملية التبادل. 
في المقابل، لم يتضمن الرد قبولًا صريحًا ببنود نزع السلاح، لكنه نصّ على الاستعداد لتسليم الحكم في غزة لهيئة فلسطينية مُستقلة تحظى بتوافق وطني ودعم عربي وإسلامي.
من جانبه، صرح ترامب، أن «حماس باتت مستعدة لسلام دائم»، داعيًا إسرائيل إلى وقف فوري للقصف تمهيدًا لإطلاق الرهائن. في حين أعلن مكتب نتنياهو استعداده «لتنفيذ المرحلة الأولى من الخطة».
رغم التحفُّظ على بعض بنود الخطة، يُعد موقف حماس خطوة متقدمة مقارنة بمواقفها السابقة، إذ يفتح المجال أمام المفاوضات دون إعلان الرفض القاطع. 
تشير تصريحات موسى أبو مرزوق، إلى أن حماس تقبل أول 9 بنود من الخطة، لكن تطالب بمفاوضات تفصيلية حول قضايا جوهرية تتعلق بنزع السلاح وانسحاب الجيش الإسرائيلي.
يرى محللون أن رد حماس يهدف إلى كسب الوقت وكسر منطق «الإنذار النهائي» وتحويله إلى مسار تفاوضي طويل. 
أشارت تقارير إلى أن تفسير ترامب الرد كإشارة إلى «رغبة في السلام»، يُعد محاولة لاستثمار الموقف للضغط على إسرائيل، لا سيما مع تصاعد الدعوات لاستغلال الفرصة ووقف الحرب. 
رُغم صيغة البيان الحذرة، فإن تفاعل ترامب الإيجابي، مدعومًا بالضغوط العربية والدولية، قد يدفع الأطراف إلى تسريع إطلاق مفاوضات تقنية تمهيدًا لصياغة اتفاق نهائي يُخرج الحرب من مسارها العسكري. 
في المقابل، يُعمق الموقف الراهن الانقسام بين معسكر نتنياهو الذي يسعى إلى الحسم، والمؤسسة الأمنية وأطراف سياسية ترى أن رد حماس فرصة تفاوضية قابلة للاستثمار. ( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية - 4 / 10 / 2025 ) 
و من تلك الضغوط ما صرح به وزير الأمن القومي الإسرائيلي أنه : إذا بقيت حماس بعد إطلاق الرهائن لن نستمر في الحكومة ( آي  24 نيوز - 4 / 10 / 2025 ) 
85

سلاح " حماس " .. سلِّم و إن لم تَسلم ؟!

إسرائيل أصلا لا تريد و لا تقبل و لا ترضى بأي سلاح بالمطلق توجه ضدها من أي مصدر كان !
صفقات الأسلحة لأي دولة مشروطة أولا بعدم استخدامها ضد إسرائيل ، و هي النجمة التي تطبق عليها الشروط و الأحكام في عقود الإذعان ؟!
مصدر من حركة " حماس " يقول : وافقنا على تسليم السلاح لهيئة فلسطينية مصرية بإشراف دولي .
تلقينا ضمانات أميركية عبر قطر لانسحاب إسرائيلي دائم من قطاع غزة ، خروج 
القيادات من القطاع مرهون بقرار منهم .
بدأنا بتجميع جثث  الإسرائيليين وطلبنا وقف القصف لإتمام المهمة ، تسليم الرهائن أحياء سيكون على مرحلة واحدة  . ( العربية -  5 / 10 / 2025 ) 
من ناحية أخرى " حماس" تنفي ما تداولته وسائل إعلامية حول موافقتها على تسليم السلاح تدريجيًا بإشراف دولي  . (  شبكة القدس الإخبارية - 5 10 / 2025 )

باتريوس .. بين يدي الجولاني ؟!

منذ سبعينيات القرن الماضي ، و نحن نسمع و نقرأ عن أميركا كل شيء مبهر ، بل أقرب للإعجاز منه للإعجاب أحيانا.
في فترة المرحلة الجامعية ، و من خلال الأساتذة الذين درسوا في أميركا ، كانوا أكثر من علمونا عن ماهية أميركا ، و عظم مكانتها في العالم المعاصر . 
و في فترة الثمانينيات إلى العام 2018 ، لم تنقطع زيارتنا عن أميركا ، و قد عرفناها أكثر عن قرب ، و بالأخص الشعب الأميركي الذي لا يشبه حكوماتها في قراراتها السياسية المليئة بالتحديات و الأزمات المتناقضة ؟!
في عالمِ السياسةِ الأميركية يرى المراقبُ العَجَبَ العُجاب،فهذا العالمُ لا ثوابتَ فيه أبدًا، ولا تجدُ فيه عَداءً دائمًا ولا صديقًا دائمًا، فتقلُّباتُه أعتى من الزوابعِ والأعاصير.فعلى هامشِ قمّةِ كونكورديا التي عُقدت بالأمس القريب في نيويورك، التقى الرئيسُ السوري أحمد الشرع بسجّانِه الجنرال ديفيد بترايوس!وللتذكير، فإنّ الجنرال كان قد عمل في العراق لسنواتٍ عدّة بعد احتلاله عام 2003، كقائدٍ للفرقة 101، ثمّ قائدًا للقوّاتِ متعدّدة الجنسيّات، وترقّى ليُصبِح رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA). وفي عهده، أطلقت الوكالة مكافأةً بقيمة 10 ملايين دولار لمن يُلقي القبض على أبو محمد الجولاني ، إذ كان قد قاتل المحتلّ الأميركي ، وأُلقي عليه القبض وأُودع في معتقل سجن بوكا عام 2004.
وبعد هذه السنينِ الطويلة، تغيّرت الأحوالُ كليًّا؛ فالجولاني الذي كان سجينًا ومطاردًا، هو نفسُه اليوم رئيس الجمهوريةالسورية!
والسجّان بترايوس يشغل اليوم منصب رئيس أعمال الشرق الأوسط لشركة KKR للاستثمار الخاصّة، بالإضافة إلى كونه شريكًا ورئيسًا لـ KKR Global Institute.
ويجلس الاثنان معًا، والسجّانُ يُخاطبُ سجينَه بكلِّ وقارٍ واحترام: ب (سيّدي الرئيس)! ويحاول أن يسترضيه لعلّه يحصل على فرصةٍ استثماريّةٍ لصالح شركته في سوريا.

طالبان .. في كنف الأميركان ؟!

سوريا ليست الوحيدة في هذه المعادلة السياسية الغامضة ، بل طالبان أفغانستان سبقتها ، و قد كانت رقبة " الملا عمر " مطلوبة لأمريكا لقرابة خمسة عشر عاما قبل الإنسحاب الذي لم يصلح شأن الشعار الذي رفع في حينه " كسب القلوب و العقول " ، بل احتارت العقول و كسرت القلوب ؟!
اليوم قبل ترامب أن تعود حركة " طالبان " التي صنفت " إرهابية " في القائمة الأميركية ، لحكم أفغانستان بعد حرب دمرت مقدرات الدولة الأفغانية ؟!
ماذا يريد ترامب من " طالبان " ؟! يقول الرئيس الأميركي : إن الولايات المتحدة تسعى لاستعادة السيطرة على قاعدة باغرام الجوية في أفغانستان، مشيرًا إلى وجود مفاوضات مع "طالبان" بهذا الشأن .(  صحيفة ذا غارديان - 19 / 9 / 2025 ) .
أخيرا أصبح للإرهاب دولة في أفغانستان كما هو الوضع في " إسرائيل " المبيد البشري في غزة و في أي مكان تطاله يد " نتن .. ياهو " كما فعل ذلك بنفسه الأمارة ب " الإبادة الجماعية " ؟! 
بل الأغرب أن الحكومة " الطالبانية " تماهت أكثر مع أميركا حيث دعا وزير خارجية حركة طالبان الأفغانية، إلى تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، وذلك خلال محادثات مع المبعوثين الأميركيين حول قضية الأميركيين المحتجزين في أفغانستان (  قناة العربية- 14 / 9 / 2024 ) 
هنا أميركا مع " طالبان " أصبحتا سمن على عسل ، أما في " غزة " سويت بالأرض ، تحول الدم الفلسطيني إلى ماء ، لدرجة أنها لم تسمح لعباس الدخول إلى أميركا لحضور اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة في دورتها الثمانين ، و هو الذي اعترف بوجود " إسرائيل " رسميا ، و كذلك ليس إرهابيا ، و لكن كما صرح ترامب : نحن الأمم المتحدة ، و نحن مجلس الأمن ، و نحن الجمعية العامة للمنظمة الدولية ، و الذي لم يعجبه هذا الكلام فليشرب من البحر ، لا نعرف من البحر الأحمر أو الأبيض ، أم الأسود مع الأصفر ؟! 
هذا بالمقابل ، سمحت لمن تغنى لعقود " بالشيطان الأكبر " الذي قصفت حكومته بالأمس القريب ، و قد ملت من أغنية " الموت لأميركا " الشقيقة أخيرا ؟!
قد يظن البعض بأن " الإرهاب " قد خف أواره و سعيره ، بعد تولي " طالبان " حكم أفغانستان بتوقيع من أميركا بالطبع ، و لكن سيل الاتهامات للجيرة مستمر ، فها هما 
باكستان والصين تعربان عن قلقهما، أمام الحكومة الأفغانية المؤقتة، إزاء تنامي "الإرهاب" في المنطقة، واستخدام "الجماعات الإرهابية" للأراضي الأفغانية، كمنطلق لعملياتها في الدول المجاورة، وحذرتا من أنهما ستتخذان "الإجراءات اللازمة" في حال عدم كبح هذه العمليات . (الشرق -  21 / 8 / 2025 )
لماذا أميركا هنا تسكت عن الكلام المباح ضد " الإرهاب " في كل مكان إلا في " أفغانستان طالبان " ؟! 
هذا الوضع " الإرهابي " ، دفع الجانبان الصيني و الباكستاني لطلب اجتماع مع حكومة " طالبان " من أجل التوصل إلى حل لهذه الأزمة التي تواجه المنطقة و مشاريعها الاقتصادية بين جميع الأطراف .
من هذا المنطلق  استضافت العاصمة الأفغانية كابول في (20 أغسطس 2025 ) اجتماعًا ثلاثيًا جمع بين وزراء خارجية الصين وباكستان وأفغانستان. 
تركزت المناقشات خلال الاجتماع على ملفات التجارة، والربط الإقليمي، ومكافحة الإرهاب، ومشاركة أفغانستان في مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني.
حيث شهدت المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان تصاعدًا في الهجمات، و أفادت مصادر باكستانية بأن 22 منظمة إرهابية تنشط في أفغانستان، وأن 90% من الهجمات داخل باكستان مصدرها الأراضي الأفغانية. 
أعربت باكستان والصين خلال الاجتماع عن قلقهما، أمام الحكومة الأفغانية المؤقتة، إزاء تنامي «الإرهاب» في المنطقة، واستخدام «الجماعات الإرهابية» للأراضي الأفغانية، كمنطلق لعملياتها في الدول المجاورة، وحذرتا من أنهما ستتخذان «الإجراءات اللازمة» في حال عدم كبح هذه العمليات.
هذا ، و قد اتفقت الدول الثلاث خلال الاجتماع على توسيع مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، الذي تُقدّر قيمة مشروعاته بـنحو 62 مليار دولار، ليشمل أفغانستان، ضمن جهود بكين لدمجها في مبادرة «الحزام والطريق». 
لقد استأنفت الصين وأفغانستان في عام 2024 مشروع استخراج النحاس من منجم «ميس عينك» (ثاني أكبر منجم نحاس عالميًا)، باحتياطي يُقدّر بنحو 11.5 مليون طن، بعد توقف منذ 2008 بسبب الحرب.
بلغ حجم التبادل التجاري السنوي بين البلدين نحو مليار دولار، مع خطط لتوسيع الروابط المصرفية والنقل وتشكيل لجان مشتركة لإدارة المحادثات بشأن التجارة والاستثمار.
يأتي الاجتماع في إطار سعي بكين لتخفيف حدة التوترات بين باكستان وأفغانستان عبر تعزيز التعاون من خلال فرص تجارية واستثمارية جديدة في ظل التوترات الدبلوماسية.
تسعى بكين إلى ترسيخ نفوذها في المنطقة من خلال مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني ومبادرة الحزام والطريق. ( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية- 21 / 8 / 2025 ) 
ترى كم خسرت أفغانستان الدولة فحسب أثناء من الحرب التي دارت رحاها ما بين عام ( 2008  - 2024 ) ، من عدم تمكنها في استخراج هذا المعدن ( النحاس " ، دون المعادن الثمينة الأخرى و على رأسها الذهب ؟!
و لو قدرنا بحسبة مبدئية لقيمة 11.5 مليون طن وفق تقديرات الأسعار العالمية في بورصة لندن على سبيل المثال ، نقول تختلف قيمة طن النحاس عالميًا بشكل مستمر، لكنها كانت قريبة من 10 آلاف دولار في سبتمبر 2025، وقد تجاوزت هذا الرقم لتصل إلى نحو 10,093 دولارًا للطن في بورصة لندن للمعادن  وفقا لبيانات ( investing .com )
وفق هذا السعر العالمي تقدر الثروة الإجمالية التي خسرتها أفغانستان خلال العام السنوات العجاف أكثر من ( تريليون دولار ) تقريبا ، و هي التي تتلقى اليوم الدعم الإنساني العالمي لحفر الآبار و توفير الغذاء المناسب للسكان و غيرها من الإحتياجات الإنسانية الضرورية في دولة تنام على ثروات لا حصر لها ، و الإرهاب أحد أهم أسباب تعطيل هذا الاقتصاد الثري ؟! 
و السبب الرئيسي لعدم اعتراف الدول بحكومة " طالبان" هو هاجس " الإرهاب "
فاعتراف «موسكو» بنظام «طالبان» حكومةً شرعيةً لأفغانستان، يُعدُّ دعوةً لدولٍ أخرى بالمنطقة، من الصين إلى الهند وإيران، لتُقرَّ بشرعية «طالبان»، غير أن ذلك قد يُؤدّي لنتائج عكسية على روسيا  يُرجَّح أن يُشجِّع الاعتراف بنظام «طالبان»، جماعاتٍ أخرى تسعى إلى الوصول إلى السلطة؛ باعتبار أن ذلك يُمكن أن يكون طريقًا نحو الشرعية السياسية .
بينما تسعى روسيا لتعزيز نفوذِها في آسيا الوسطى، عن طريق الاعتراف بحكومة «طالبان»، فإن إمكانية أن يخدم ذلك مصالحها الخاصة أمرٌ مشكوكٌ فيه .( فورن بوليسي - تحليل : 
نيلوفار سخي  21 / 7 / 2025 )

التطرف .. الداخلي!

في الفترة الثانية من رئاسة " أوباما " ، اجتمع بعض القادة العرب معه بصفة غير رسمية ، و نبهوه من دعم الحركات الإسلامية المسلحة بالدين المسيس ، خشية أن تنتقل نار " التطرف " إلى عقر دارها و بأيدي أبناء أميركا ، و قد جاء وقت الولاية الثانية لترامب لكي يتصدر و يتصدى لهذا " التطرف الداخلي " ليقوم بالتوقيع في 22 / 9 / 2025 على أمر تنفيذي بتصنيف شبكة "أنتيفا" تنظيمًا إرهابيًّا محليًّا، واعتبارها "مشروع عسكري فوضوي يدعو صراحةً إلى إطاحة الحكومة الأمريكية".
يأتي هذا التطور معززًا لدعوات الحكومات والأحزاب الغربية، وخاصة اليمينية، لاتخاذ خطوات مماثلة، ويؤكد ذلك: تصريح رئيس الوزراء المجري "فيكتور أوربان" أن بلاده ستتخذ المسار الأميركي نفسه وتصنّف "أنتيفا" تنظيمًا إرهابيًّا (20 سبتمبر 2025 ).
 دعوة الأغلبية البرلمانية الهولندية، بقيادة خيرت فيلدز اليميني المتطرف من حزب الحرية، إلى تصنيف "أنتيفا" تنظيمًا إرهابيًّا على غرار النموذج  الأميركي  (19 سبتمبر 2025 ).
مع تزايد القيود المحتملة ضد الشبكات اليسارية المتطرفة، يُرجَّح تواري العناصر القيادية بالجماعات التابعة لـ"أنتيفا" عن أنظار الأمن، والتركيز على إدارة الأنشطة وتوجيه العناصر بالمدى المنظور؛ لتلافي أي خسائر مركزية بصفوف قيادتها، والترويج أن الملاحقات التي تطول عناصرها تمثل انتهاكًا للحقوق والحريات التي تضمنها التشريعات الوطنية.(  مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية - 23 / 9 / 2025 ) 
و لم يمر سوى يومين على صدور هذا القرار التنفيذي حتى وقعت حادثة " تكساس " التي ترد على " ترامب " بهذه العملية الإرهابية .
قبل ذلك و في شهر واحد ، تعرضت قاعدة فورت ستيوارت بجورجيا الأميركية إلى إطلاق نار  أصاب  5 جنود بالرصاص (  الجزيرة - 7 / 8 / 2025 ) 
و بعد عشرة أيام من وقوع ذلك ، جرى حادث إطلاق نار داخل مطعم في " بروكلين " بمدينة نيويورك، أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة آخرين .( نيويورك بوست  - 17 / 8 / 2025 )

أميركا .. الحاجة إلى قارب إنقاذ ؟!

في بلاد تفتخر بالدستور و تستظل بالحرية ، سال الدم في محراب الكلمة، وتحوّل المنبر إلى منبرٍ للرصاص. في ساحةٍ جامعية قِيل إنها وُجدت للعلم، سقط صوتٌ من أكثر الأصوات صخباً في السياسة الأميركية ، تشارلي كيرك، مضرجاً بدمه .
مؤسس جمعية «نقطة تحول للولايات المتحدة الأميركية » الذي طالما ملأ الساحات بخطابه المثير للجدل. 
لم يمض الكثير من الوقت حتى أُلقي القبض على مشتبهٍ فيه شاب تايلر جيمس روبنسون لا يتجاوز الثانية والعشرين، بعد أن سلّمته عائلته للسلطات، وقد انكشفت رسائل نصية له يقول فيها: (لقد اكتفيت من كراهيته)
لكن مما لا شك فيه ، أن الجريمة ستشكل لحظة فاصلة، لا في حياة رجلٍ واحد، بل في مسار بلدٍ بأكمله.
المفارقة التي لا تغيب عن
الأذهان أن كيرك نفسه كان من أبرز المدافعين عن الحق الدستوري في حمل السلاح. كان يقول في أحد خطاباته: «لا يمكننا منع السيارات لأن بعض الحوادث تقع، فلماذا نمنع السلاح لأن بعض الجرائم تقع؟». لقد انتهى به المطاف ضحيةً للسلاح الذي لطالما اعتبره حامياً للحريات.
سقط، وهو الدليل الحي على أن الحرية التي لا تُقيَّد قد تنقلب على صاحبها .( يسرا عادل - صحيفة الخليج - 24 / 9 / 2025 )

استهداف مركز أمني بولاية "تكساس" ..

انعكاسًا لخطر تصعيد اليسار المتطرف هجماته في الولايات المتحدة، نفذ عنصر -يشتبه في ارتباطه بشبكة "أنتيفا"- (24 سبتمبر 2025 ) عملية قنص استهدفت مركز احتجاز تابعًا لإدارة الهجرة والجمارك في مقاطعة دالاس بولاية تكساس؛ ما أدى لمقتل محتجز وإصابة اثنين آخرين، دون وجود خسائر في صفوف قوات الأمن.
تؤكد الحادثة مساعي اليسار المتطرف لإرباك سلطات إنفاذ القانون، والتحريض على تصعيد أعمال العنف ضدهم، و ذلك بالنظر إلى ترْك المهاجم رسائلَ تعبّر عن معاداة "الفاشية" ومناهضة الأجهزة الأمنية؛ إذ نقش على الذخيرة المستخدمة عبارة "Anti-ICE"، مشابهةً لتلك التي نقشها منفّذ عملية اغتيال "تشارلي كيرك" المناهضة لـ"الفاشية".
 نشْر "مدونة الأخبار الأناركية" مقالًا تحريضيًّا بعنوان "دعوة إلى العمل الأناركي في أميركا "، يحث أنصار اليسار المتطرف على استهداف مرافق إدارة الهجرة والجمارك في مختلف مدن البلاد (23 سبتمبر 2025 ).
يُرجَّح تكثيف جماعات اليسار المتطرف عمليات كشْف ونشر بيانات الكوادر الأمنية، والتعويل على تحرّك المتأثرين بدعواتها التحريضية للحفاظ على زخم هجماتها.* (مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية - 25 / 9 / 2025 )

المهاجرين .. الطرد أو القيد ؟!

منذ الفترة الأولى من رئاسة ترامب، و حتى الساعة، و الحديث لم يتوقف عن وضع المهاجرين في المجتمع الأميركي ، و الزج بهم إلى " اللامكان و لو في خارج الزمان !
هل دار في خلَدكم ، بأن ترامب أثناء لقائه بالرئيس الصومالي ، يطلب منه اصطحاب عضو الكونجرس عن الحزب الديمقراطي " إلهان عمر " أميركية من أصل صومالي ، معه عند العودة إلى بلده .
لماذا أسقط " حق المواطنة " الذي يعتبر أهم قاعدة في اللعبة الأميركية. ؟! 
لغة  السياسة لم تعد تحكم أميركا، بل لغة ترامب " غير الدبلوماسية " هي التي تتحكم في مفاصل السياسة الأميركية، و لم نعهد منها ذلك منذ عقود مضت ، أما اليوم لغة السخرية و الإستهزاء بالرؤساء و الإستخفاف بهم أمام الكاميرات ، هي السائدة ؟! 
لقد أذهب ترامب بريق أميركا و وهج حضارتها أدراج الرياح في لحظة العالم بحاجة إلى من يعيد التوازن إلى أروقته المهترئة! 
لا نقول بأنه حانت ساعة تقاعد أميركا عن وظيفة إدارة العالم ، بل نقول بأن الدول العظمى في كل الحضارات البشرية تنهار من الداخل أولا مما يطمع المتربص بها ساعة الإنقضاض على ما تبقى منها ؟!
و من سنة الكون الالهية ، أن لا يستمر العالم فاقد توازنه ، حتى تتهيأ دولة أخرى للقيام بدور أميركا في العقود المقبلة!

أميركا .. بلا أميركان !

أليس غريبا على " ترامب " المهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية ، الوقوف ضد المهاجرين ، بل أكثر من ذلك من نال منهم " المواطنة " الأميركية وفق متطلبات الدستور  الأميركي ، أيضا يريد منهم الإنضمام إلى فئة " البدون " من يصدق بأن هذه هي أرض الأحلام الواقعية ؟!
أفضل ميزة لأميركا منذ أكثر من قرنين على تأسيسها، أنها ليس فيها أميركيا واحدا ، بل بوتقة حضارية صهر الجميع تحت مظلة الولاء للوطن الأميركي! 
لن نذهب بعيدا عن " ترامب " لعله يراجع حساباته مع شعبه المنوع و الملون في الجنس و المعتقد و أضف إلى ذلك ما شئت في سلة التعايش الحضاري !
ترى من أين جاءت عائلة ترامب ، عبر التاريخ العابر للقارات  ، هي عائلة أميركية من أصل ألماني واسكتلندي
لن نقف في هذا الإطار عند " ترامب " فهناك من يشاركه هاجس الهجرة إلى أميركا، فهذا الرئيس الأميركي السابق " جو بايدن " ، عائلته من 
أصول إنجليزية وفرنسية وأيرلندية. هاجر جده الأكبر لبايدن من إنجلترا إلى ماريلاند عام 1822.
أما الرئيس الأميركي الأسبق " باراك حسين أوباما " فقد دار حول أصل والده المسلم " حسين " لغط كبير في فترتي " ترامب "، بل إلى درجة أن البعض كان يضعه في خانة " الإخوان المسلمين " بسبب وقوف أوباما خلف " الربيع العربي " 
نعرج قليلا على جذوره ، ولد أوباما في 4 أغسطس 1961 بمركز كابيولاني الطبي للنساء و الأطفال في هونولولو ، هاواي ، ولد لأم أميركية و أب كيني ، وُلدت أمه في آن دنهام (1942-1995) فى ويتشيتا، كانساس، و كانت من أصول انجليزية وويلزية و ألمانية وسويسرية و أيرلندية.
(ويكيبيديا )
ليس هدفنا الحصر ، بل الإعتبار ، أن يأتي رئيس أميركي مهاجر من أصقاع الأرض، ليتحكم في مواطنيه تحت لافتة " المهاجرين " فهي سياسة معيبة ، بل و قاصرة ، و نظرة ضيقة بالنسبة لسعة قلب الشعب الأميركي، و كذلك مساحتها القارية الشاسعة؟!

قرار .. تقييد الهجرة

فيما يُشير لتوجه أميركا لتقليص هجرة العمالة وحماية الوظائف، وقَّع الرئيس "ترامب" (19 سبتمبر 2025 ) أمرًا تنفيذيًّا بإضافة رسوم قدرها 100 ألف دولار للمتقدمين لبرنامج تأشيرة العمال الأجانب المهرة (H-1B)، لتطبق على التأشيرات الجديدة.
مع ارتفاع عدد طلبات إعانة البطالة بأميركا في سبتمبر 2025 لأعلى مستوياتها خلال 4 سنوات، وبلوغ معدل البطالة بأغسطس 2025 ) 4.3%، يُظهر القرار ما يأتي : 
السعي لضمان توافر الوظائف للأميركيين  ، خاصةً بالتخصصات التقنية التي تنافسهم بها العمالة الأجنبية (الهند أكبر مستفيد من تأشيرات (H-1B)، بنسبة 71 % من الطلبات المعتمدة).
مخاوف بشأن تفاقم الأعباء على شركات التكنولوجيا  الأميركية ، خاصة الصغيرة والمتوسطة؛ ما يدفعها لتقليل الأجانب ونقل الوظائف للخارج (تقديرات بارتفاع تكلفة تأشيرة (H-1B) بـ15 ضعفًا ).
رغم توقُّعات تنامي التوظيف المحلي بأميركا  في المدى القصير، يحتمل معاناة الشركات من نقص الكفاءات  على المدى  البعيد، إضافةً لتحول وجهات العمالة الماهرة لدول كأوروبا وكندا ودول الخليج العربية لتوافر سياسات هجرة أكثر مرونة (تدرس بريطانيا إلغاء رسوم بعض التأشيرات للكفاءات).(  مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية 22 / 9 / 2025 ) 
في هذا القرار هناك مجموعة من الحقائق العلمية المتعلقة بالاقتصاد الوطني الأميركي .
ما يتعلق بشماعة البطالة المرتفعة وفق تقديرات الحكومة، فإنها غير دقيقة، و خاصة إذا تم تقسيم النسبة على 52 ولاية ، فإن النسبة تصبح ضئيلة للغاية؟!
هذا أمر ، و الوجه الآخر يتعلق بجانب الفرص المتاحة للإنتقال من وظيفة لأخرى ليس شرطا لازما في أميركا، مثال لو وجد سفير أميركي في الخارج بعد انتهاء مهامه فرصة وظيفية في الدولة التي يمثلها لا يتوانا عن تقلدها لحظة ، أين المهاجر الذي سيكون بديلا لهذا السفير ؟! 
و الحقيقة الأخرى بأنه منذ أكثر من عقد ، أميركا تعاني من نقص حاد في قطاع التكنولوجيا الرقمية ، و مع دخول الذكاء الاصطناعي على الخط، لا شك بأن الحاجة إلى سد هذه الفجوة أكبر الآن ، و كان سد هذه الثغرة في ذلك الوقت بحاجة ملحة الى قرابة 65 ألف وظيفة شاغرة في هذا القطاع، ترى كم وصل العدد اليوم ؟!
أما شكوى ترامب و تذمره من الهنود الذين يحتلون هذه الوظائف بدل الأميركان ، فهذا أمر لا إذا كان العامل الأميركي متوفر في الحال ، لا يمكن تفريخ تخصصات التكنولوجية في مصانع تفريخ الدجاج  ؟!
ترامب على عجل من أمره في التهجير ، فإدارته قامت بترحيل نحو 100 إيراني على متن طائرة مستأجرة من الولايات المتحدة، أقلعت من لويزيانا ومن المتوقع أن تصل إلى إيران عبر قطر. وقد أثارت هذه الخطوة، إلى جانب عمليات ترحيل سابقة، انتقادات ودعاوى قانونية من منظمات مدافعة عن المهاجرين .(   نيويورك تايمز - 30 / 9 / 2025 ) 
أميركا معروفة برخص العمل و الحياة فيها مقارنة بأوروبا و اليابان على سبيل المثال، و لم نسمع في تاريخها الماضي و الحاضر، بأن رسوما معينة قد زادت خمسة عشر ضعفا، كما هي مع تأشيرة الهجرة ، لم هذه الغرامة و العقاب لمن جاء يخدم أميركا من دون أن تتصدق عليه  .
هذا الوضع لن يستمر ، لأن هناك قطاعات اقتصادية ضخمة و بالذات في السياحة و الفندقة و معظم قطاع الخدمات الذي يعتمد على العمالة المهاجرة الرخيصة ، بمعنى أرخص من العمالة الأميركية ، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة و هي تعتبر 90% من الاقتصاد الوطني في أي دولة !

أخذ عزيز.. مقتدر

إنَّ هذه الأرضَ تتهيأُ لأمرٍ عظيم لن يطول، أوتحسبُ أنَّ كلَّ هذا الدَّم عند اللهِ سيذهبُ سُدى؟! 
‏واللهِ لو أنَّ أهلَ بيتٍ قاموا إلى غنمٍ لهم، فسفكوا دمَ مئة ألفٍ منها وألقوها كِبْراً وبَطراً، لعاقبهم الله، فكيف والدِّماء التي سُفكتْ هي دماء يشهدُ أصحابها للهِ بالوحدانية، ولنبيِّه بالرِّسالة؟!
‏متى أهلكَ اللهُ تعالى الباطل وهو ضعيف؟!
‏إنَّ الله تعالى لا يأخذُ الباطل أخذَ عزيزٍ مقتدرٍ إلا وهو في أوجِ قوَّته وغطرسته!
حين أهلكَ اللهُ فرعون لم يهلكه بتغيير موازين القوى، وإنما أهلكه وهو يقول: أنا ربكم الأعلى! أخذه وهو في أوج قوّته، على رأسِ جيشه المدجج!
وحين أهلكَ اللهُ قومَ لوطٍ لم يهلكهم حين ضعفوا، وإنما أهلكهم وفي أشدّ لحظات حياتهم قوةً وفجوراً، وقد جاؤوا إلى دار لوطٍ يريدون أن يأخذوا ضيوفه!
وحين أهلكَ اللهُ أبا جهلٍ لم يُهلكه بتغيير موازين القوى، وإنما أهلكه وهو في قمَّة جبروته، يريدُ أن يَرِدَ ماء بدرٍ، فينحرُ الجُزرَ، وتعزف قيانه، حتى تسمعَ بفجوره العرب!
وحين أهلكَ اللهُ النمرود لم يهلكه في لحظة ضعفٍ، وإنما أهلكه وهو في قمّة غطرسته، يُنادي في النَّاس: أنا أُحيي وأميتُ!
وحين أهلكَ اللهُ عاداً، لم يهلكها بتغيير الأسباب، وانقلاب الموازين، وإنما أهلكهم وهم يقولون: من أشدُّ منّا قوَّة!
وحين أهلكَ اللهُ ثمود، فإنما أهلكهم وهم ما زالوا يجوبون الصَّخر بالواد!
وحين شتَّتَ اللهُ شمل الأحزاب يوم الخندق، كانت الأرض قد ضاقتْ على المومنين بما رحبت، وبلغت القلوب الحناجر!
وحين أهلكَ اللهُ تعالى الرُّومَ لم يُهلكهم وهم ضعاف، وإنما أهلكهم في اليرموك وهم أكثر عدةً وعتاداً! 
وحين أهلكَ اللهُ الفُرسَ لم يُهلكهم بعد أن سحبَ بساطَ الأسباب من تحت أرجلهم، وإنما أهلكهم في القادسيَّة وقد كان لهم قبلها صولة وجولة!
لئن طالتْ بكَ حياة لا تتجاوز العامين بإذن الله، لترينَّ الرَّجل منا يأتي المسجد الأقصى لا يخافنَّ إلا الله والذئب على غنمه، وإنَّ غداً لناظره قريب! ( أدهم الشرقاوي - موقع : زاد السائرين  )

إسرائيل.. الإنهيار لا محال ؟!

أقول عندما يتم الحديث ، القديم المتجدد عن زوال " دولة إسرائيل " ، ينبغي أن نفرق جيدا بين إسرائيل كدولة ، و إسرائيل كحكومة ، و إسرائيل كشعب يهودي ، حتى لا تختلط الأفهام ، و يذهب بنا الخيال عن الواقع السياسي لتكوين الدول و نشأتها ثم انهيارها بعد جيل أو جيلين أو أكثر ، و صفحات التاريخ البشري مليئة بانهيار عروش و تدحرج كراسي الملوك ؟! 
من هذا الباب ، اسرائيل ليست استثناء ، نعم هناك من يود زوال دولة إسرائيل اليوم اليوم و ليس غدا ، و هناك من يضع مواعيد محددة يتنبأ بزوالها خلال سنوات قليلة و آخر يرى باستمرار بقاء اليهود في فلسطين و لكن تحت حكم المسلمين و لو بعد حين !
بعد هذا التقديم الموجز ، ننتقل إلى سماع رأي أحد المحللين السياسيين من اليهود أنفسهم على ضوء الحرب التي لم تتوقف على غزة حتى الساعة ؟
من كان يظن أن الدولة التي تأسست على رماد الحرب العالمية، والتي تغذّت على الدعم الغربي بلا حدود، ستصل إلى هذه اللحظة السوداء؟
نعم، أقولها بوضوح وبدون تجميل: إسرائيل ستنهار خلال عامين.
ما نعيشه اليوم ليس مجرد "أزمة أمنية" أو "تعثر سياسي"، بل هو زلزال وجودي يدك أركان المشروع الصهيوني من أساسه. 
الحركة لم تنتصر فقط في ساحة المعركة، بل فجّرت خرافة "الدولة التي لا تُقهر"، وفضحت هشاشتنا أمام العالم.
نحن نغرق، والناس تهرب.
الرحلات إلى أوروبا وأمريكا وكندا تُحجز بالكامل. السفارات ممتلئة بطلبات الهجرة. 
العائلات تبيع ممتلكاتها بصمت. الآباء يرسلون أبناءهم للدراسة في الخارج، بلا نية للعودة. نحن لا نُهاجر… بل نفرّ. نعم، نفرّ كالفئران من سفينة تتهاوى.
مشاهد الذل أصبحت يومية:
– جنود يبكون أمام الكاميرات.
– مستوطنون يفرّون من الجنوب والشمال.
– وزراء يصرخون ويهددون… بلا أثر.
– وشعب بأكمله يعيش على الحبوب المهدئة.
أي دولة هذه التي تُقصف عاصمتها ومستوطناتها يومياً ولا تستطيع الرد؟
أي جيش هذا الذي يفشل في "تركيع غزة" رغم آلاف الغارات؟
أي قيادة هذه التي تتحدث عن النصر بينما الخراب ينهشنا من الداخل؟
حركة حماس كشفت كل شيء.
لقد عرّت جبننا، ونفخت في جمرات الكراهية التي تأكلنا.   في الضفة، الانتفاضة تقترب. في الداخل، العرب يعيدون الثقة بأنفسهم.
أما نحن؟ فمتفرقون، خائفون، متآكلون.
نحن اليوم كيان بلا مشروع، بلا بوصلـة، بلا مبرر. دولة بلا أخلاق، تقتل المدنيين وتعتقل الأطفال، ثم تطلب من العالم أن يصفق لها.
خلال عامين، لن تبقى إسرائيل كما نعرفها.
ربما تُصبح "دولة قلاع محاصرة"، أو "جيب يهودي مسلح" يعيش على فتات الحماية الأمريكية. 
وربما تنهار تماماً، وتعود الأرض إلى أصحابها.
هل أبالغ؟
اسألوا التاريخ. كل مشروع استعماري اعتمد على القتل والكذب، انهار. كل كيان قام على الظلم، سقط.
الساعة تدق.....
وحين تسقط اسرائيل – وهي ستسقط – سيتحدث العالم عن تلك اللحظة التي تخلّت فيها دولة نووية عن إنسانيتها، فخسرت كل شيء.
أما نحن، فإن لم نستفق الآن، فسنُذكر كأغبى أمة عاشت في وهم القوة بينما العالم يراها تنهار. ( بقلم : ليئور بن شاؤول - محلل سياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت" )