الأربعاء 24 ديسمبر 2025

احمد شادي يكتب: 2025..كلمات وداع وبداية

باور بريس

عام ٢٠٢٥ يغادر.. وكل ما فيه من ذكريات تُختَزَن في قلوبنا. كان عالماً مصغراً من المشاعر: أيامٌ حلوت كالندى وأخرى مرت كالمر.. تعلمت فيها أن الحياة ليست سباقاً ننتهي منه، بل رحلة نعيش تفاصيلها. تعلمت أن الضعف لحظة وليست حكماً، وأن السقوط ليس عيباً، بل العيب أن تبقى حيث سقطت. كانت سنةٌ علّمتني أن أهم انتصاراتنا هي تلك التي نخوضها مع أنفسنا أولاً.

لأصدقائي الشباب.. اسمعوني جيداً: السنين لا تنتظر أحداً. هي تمرّ كالريح بين أيدينا، والبعض يغلق كفه ليحتفظ بها فلا يجد إلا ذكريات. لا تجعل عمرك يضيع في انتظار اللحظة المثالية، فهي لن تأتي أبداً. ابدأ الآن، من حيث أنت، وبما تملك. حتى لو كانت خطواتك صغيرة، فهي أفضل ألف مرة من الوقوف في المكان. المستقبل لا يُبنى بأمنياتٍ نرددها، بل بأيامٍ نعيشها بوعي.

تذكّروا أن الأمس قد ولى، وغداً مجهول، أما اليوم فهو كل ما تملكون. لا تهدروه في شاشات تلهيكم عن أحلامكم، ولا في علاقات تستهلك طاقاتكم دون عطاء. الزمن هو المادة الخام التي تصنع منها نجاحك أو فشلك.. هو العطاء الوحيد الذي يمنحه الله للجميع بالتساوي. السعيد من يستثمره، والشقي من يضيعه.

يقول الإمام الشافعي: "الوقت كالسيف، إن لم تقطعه قطعك". كم هي عميقة هذه الكلمات! السيف هنا هو حياتك وأحلامك، والقطع هو قرارك أن تفعل شيئاً ذا قيمة. إن لم تتحرك اليوم، سيجدك الزمن غداً كما أنت، ولكن مع أحلام أضعت فرصة تحقيقها.

والكتب السماوية تذكرنا بحكمة بالغة: القرآن يقول "وَٱعْتَصِمُوا۟ بِحَبْلِ ٱللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا۟".. فقوة الوحدة والتمسك بالمبادئ هي أساس النجاح. والإنجيل يذكرنا: "لا تهتموا للغد، لأن الغد يهتم بما لنفسه"، وهذا لا يعني الكسل، بل يعني أن تعيش حاضرك بكامل طاقتك دون قلقٍ يهزمك. والتوراة تخبرنا: "علمنا أن نعد أيامنا فنكتسب قلباً حكيماً".. العد يعني الوعي، والوعي يعني أنك تعيش كل لحظة وأنت مدرك لقيمتها.

ها هو عام جديد يأتي.. صفحة بيضاء بانتظار حروفك أنت. لا تكتبها بمداد الروتين، بل بألوان أحلامك. لا تكرر أخطاء الأمس، بل اصنع من دروسها سلماً تصعد به. العام الجديد ليس سحراً يغير الأقدار، بل هو فرصة نمنحها لأنفسنا لنبدأ من جديد، بقلوب أكثر حكمة ونفوس أكثر تصميماً.

في النهاية.. لن يسألك أحد كم سنة عشت، بل ماذا فعلت في سنواتك. لن يسألوك عن عمرك، بل عن أثرك. الوقت يمضي لا محالة، ولكن العبرة بما نزرع في رحلته. فلتكن ذكرى ٢٠٢٥ دافعاً، وليكن ٢٠٢٦ فصلاً جديداً تكتبه أنت.. بكلمات من إرادة، وجمل من إصرار، وسطور من أمل.

عامٌ يغادر.. وعامٌ يقبل.. وأنت بينهما، بقوة قلبك، وصفاء نيتك، وصدق عزمك. ابدأ.. فالطريق يظهر لمن يسير.