الجمعة 11 أكتوبر 2024

اسامة سماحة يكتب من باريس:البيروقراطية المصرية وعود بحماية الاستثمارات السعودية والمصريين بالخارج

باور بريس

 

في زيارته الأخيرة للسعودية، تعهد رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، بحماية الاستثمارات السعودية وضمان مناخ آمن وجاذب لهم في السوق المصرية. وبينما لاقت هذه الوعود اهتمامًا وترحيبًا، يبرز تساؤل حاد من قبل المصريين بالخارج: أين كانت هذه الحماية عندما تعلق الأمر بأموالهم؟ هؤلاء الذين كانوا من أوائل من دعموا الاقتصاد المصري من خلال شراء العقارات والاستثمار في المدن الجديدة، يشعرون الآن بأنهم تُركوا دون حماية كافية، رغم كل وعود الحكومة.

""المستثمرون المصريون بالخارج: ضحايا دون حماية""
الكثير من المصريين في الخارج واجهوا صدمات وخيبات أمل كبيرة، بعدما تعرضوا لعمليات نصب واحتيال من قِبل بعض شركات التطوير العقاري في مصر. قصص التأخير في تسليم الوحدات، الاعتذارات المتكررة بحجة التضخم، والتهرب من المسؤولية باتت شائعة. ورغم تقديم العديد من الشكاوى، لم تجد استجابة فعلية من الحكومة المصرية، وكأن البيروقراطية أصبحت جدارًا يحجب أصوات هؤلاء المستثمرين. بل أن "إن شاء الله" التي تُستخدم كثيرًا في مصر، باتت تُفسر لدى هؤلاء على أنها إشارة إلى تأجيل الحلول والمماطلة إلى أجل غير مسمى.

""وعد للمستثمرين السعوديين... وإهمال للمصريين بالخارج؟""
بينما يبذل رئيس الوزراء قصارى جهده لتقديم تطمينات للمستثمرين السعوديين، ويضمن لهم الحماية في السوق المصرية، يتساءل المصريون بالخارج عن مصير أموالهم التي ضاعت في أيدي بعض المطورين العقاريين دون تدخل جدي من الدولة لحمايتهم. فالمئات من القضايا التي رفعوها في المحاكم تنتظر حلولًا، لكن الإجراءات البيروقراطية المعقدة تحول دون تحقيق العدالة السريعة. وكأن المستثمرين المصريين بالخارج، الذين ساهموا في دعم اقتصاد بلادهم، أقل استحقاقًا للحماية مقارنة بالمستثمرين الأجانب.

""الحكومة المصرية: "لا أرى، لا أسمع"؟""
في ظل الانتقادات المتزايدة، يتساءل البعض: هل الحكومة المصرية جادة في حماية المستثمرين حقًا؟ إذا كان المواطن المصري نفسه لا يشعر بالأمان في استثماراته داخل بلده، كيف يمكن للمستثمرين الأجانب أن يثقوا في وعود الحكومة؟ يبدو أن البيروقراطية المصرية لم تقف فقط عائقًا أمام المصريين بالخارج، بل باتت أحد أهم التحديات التي تمنع تحقيق تقدم حقيقي في حماية الاستثمارات بشكل عام.

ورغم أن الحكومة تتحدث عن تسهيل الإجراءات وتحسين بيئة الاستثمار، إلا أن واقع الحال يظهر العكس. بين جدران البيروقراطية، تبقى مشكلات المصريين بالخارج عالقة، دون حلول ملموسة أو حماية قانونية قوية.

""فإذا كان هناك وعود للمستثمرين السعوديين، أليس من الأولى أن يحظى المصريون بالخارج، الذين وثقوا في بلدهم وضخوا أموالهم فيها، بالحماية نفسها؟""

""تنظيم السوق العقاري: هل حان الوقت للتحرك؟""
إن الحديث عن ضرورة إنشاء هيئة حكومية لتنظيم السوق العقاري في مصر أصبح أكثر إلحاحًا من أي وقت مضى. هذه الهيئة يمكن أن تكون بوابة لضمان حقوق جميع المستثمرين، مصريين وأجانب على حد سواء. في السعودية والإمارات، نرى كيف أن التنظيم الجيد للسوق العقاري ساهم في بناء بيئة استثمارية جاذبة وموثوقة، فلماذا لا تستطيع مصر اتخاذ خطوات مماثلة؟

وعود الإصلاح التي قدمها الرئيس عبد الفتاح السيسي منذ ثلاث سنوات تقريبًا بشأن تنظيم السوق العقاري وإلزام شركات التطوير بالشروط، لا تزال عالقة. ولم يتم حتى الآن اتخاذ أي قرارات حقيقية لتفعيل تلك الوعود أو حماية حقوق المستثمرين المصريين الذين يواجهون أزمات مع المطورين العقاريين.

""البيروقراطية: العدو الأكبر للتقدم""
في النهاية، تبقى البيروقراطية المصرية هي العائق الأكبر أمام أي تحسن في بيئة الاستثمار، سواء للمستثمرين السعوديين أو المصريين بالخارج. إذا كانت الحكومة المصرية جادة في وعودها، فقد حان الوقت لاتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لتطبيق القوانين وتنظيم السوق العقاري، بدلًا من ترك الأمور عالقة تحت مظلة "إن شاء الله".