الجمعة 06 يونيو 2025

دكتور عبد الله العوضي:" النووي الإيراني " .. ترامب العهد الجديد ؟!

باور بريس


ترامب في عهده الجديد أمانيه عريضة تجاه إيران و خاصة قضية " النووي " ، وقد مزق أوراق الإتفاقية منذ اليوم الأول من ولايته الأولى ، دليلا على وفائه بوعوده الانتخابية و قد فعل ، و هي رغبة اسرائيلية جامحة ، قبل أن يكون وعدا مفعولا لدى ترامب ؟! 
هل يمكن أن نطلق على هذا العام 2025 ، عام الحسم لملف " النووي الايراني " ؟!
بعد وجود مؤشرات تدل على تفاقم الأزمة في  هذا الموضوع الذي يقترب طرحه من عقدين دون ظهور بوارق أمل سياسية لحل قريب بحيث يمكن للأيدي الفاعلة تناوشه عن قرب ، و لكن بعيدا عن التحرشات و التحركات العسكرية!
في لحظة زمنية حاسمة لإيران و ملفها النووي ، أشار مسؤولون أميركيون و أوروبيون ( أكسيوس 6 يناير 2025 ) , لمواجهة إدارة ترامب " أزمة إيران " بعام 2025 , و توقعوا تصدر الملف النووي الأجندة الأميركية ( أكد وزير الخارجية الإيراني مسبقا أهمية عام 2025 للملف النووي ) .
تكشف دلالات التوقيت و أهميته ، وصول البرنامج النووي الايراني مرحلة متقدمة ، يصعب معها الجزم بفاعلية سياسة الضغوط القصوى في تعديل السلوك الإيراني ، و بالتالي مواجهة إدارة ترامب مفترق طرق بعام 2025 بين الدخول في المفاوضات أو دراسة احتمال " الضربة العسكرية " .
قرب انتهاء آلية " سناب باك / زناد " ( أكتوبر 2025 ) , ما يعني خسارة الغرب أداة ضغط على طهران و وصول برنامجها لنقطة اللاعودة ، في ضوء تلويح الترويكا الأروبية باحتمالية تفعيل الآلية إذا لم يتم التوصل لاتفاق جديد مع حلول الصيف .
في ظل ترقب جولة مفاوضات نووية جديدة بين إيران و الترويكا ( 13 يناير 2025 ) , يتوقع إظهار طهران  مرونة في التفاوض ، و تقديم تنازلات محدودة ببرنامجها النووي ، إدراكا للحساسية الزمنية ، و درءا لسياسة أميركية متشددة ضدها .( مركز الامارات للبحوث و الدراسات الإستراتيجية - 9 / 1 / 2025 )

طحن .. " نواة النووي " !

و عن وزير الخارجية الإيراني قوله : سنجري محادثات نووية مع "الترويكا" الأوروبية في روما يوم الجمعة الموافق 2 / 5 / 2025 ) و العقوبات الأميركية "تبعث برسالة سلبية" خلال المفاوضات النووية ، و المباحثات "الإيرانية- الأميركية " المقبلة حول الملف النووي ستعقد في روما السبت  الموافق 3 / 5 / 25  20 )  .( وكالة " تسنيم " - 30 / 4 / 2024) .
عن وزير الدفاع الإسرائيلي قوله  بأن : أولوياتنا منع إيران من امتلاك سلاح نووي ، (  هيئة البث الإسرائيلية - 17 / 2 / 2025 )
و هو مصداق قول وزير الخارجية الأميركي  : بشأن احتمال مهاجمة إسرائيل برنامج إيران النووي: على إسرائيل التصرف دومًا وفق مصلحتها الوطنية ، و أود أن أسمع أخبارًا بأن إيران قرّرت عدم السعي للحصول على سلاح نووي لكن لم نتلق بعد أي إشارة ، أما جهود إيران الدبلوماسية سابقًا مجرد محاولة لتمديد الإطار الزمني واستمرار تخصيب "اليورانيوم"
(  سي بي إس - 17 / 2 / 2025 ) 
بعد قرابة عقدين ، بالكاد نسي العالم شيء اسمه سلاح نووي إيراني ، لتغير أجندة أولويات الولايات المتحدة الأميركية و ربيتها إسرائيل ، تعود الرحى لطحن  نواة النووي التي لم تستطع أداء دورها و لا الانتهاء من صداعها ، فهل جاء زمن الفصل الآن و قبل أن يغادر ترامب المكان أو الزمان ؟! 
إيران طوال فترة تجميد هذا الاتفاق لم تحاول استكمال انتاج  سلاح نووي ، و قد كانت تهدد العالم بأنها على مسافة أشهر من ذلك فما السر يا ترى ، و قد عادت إلى طاولة المفاوضات لإعلان برائتها من حيازة هذا السلاح الرادع ؟! 
يقول مسؤول إسرائيلي : التقديرات في إسرائيل أن المفاوضات بين "واشنطن" و"طهران" يرجح أن تنتهي باتفاق ، و لا نعلم هل سيضمن الاتفاق تفكيك منشآت التخصيب كليًا أم سيشبه الاتفاق السابق ، و كذلك نعتقد أن الموعد النهائي الذي حدده "ترامب" لمدة 60 يومًا للتوصل إلى اتفاق سيتم تمديده في نهاية المطاف ( جيروزاليم بوست - 29 / 4 / 2025 )

سياسة الكلمات .. لا اللكمات !

يبدو ان هذا الإتفاق يهم إسرائيل أكثر من أميركا التي لا تكاد تنطق ، إلا لحقتها الربيبة أو سبقتها في التصريحات و التقديرات الزمنية و غيرها من التفاصيل التي غدت حصرية عليها و  إن لم تشاركها الولايات المتحدة الأميركية في اندفاعاتها العسكرية باتجاه قصف المنشآت النووية الإيرانية ، كلما تلكأت طهران أو ناورت بالكلمات البعيدة كل البعد عن اللكمات باستخدام العضلات أو الحبال الصوتية الجهورية! 
يقول وزير الخارجية الإيراني : 
تجربة الاتفاق النووي أثبتت عدم التزام "واشنطن" بتعهداتها ولن نسمح بتكرار النكث بالعهد ، و لن نتخلى عن التفاوض لكننا لا نرغب فيه مع دولة تقوم بالتوقيع على عقوبات جديدة ، و رفع العقوبات يتطلب التفاوض لكن ليس تحت الضغوط القصوى ولن نجلس لطاولة تفاوض بهذه الطريقة ( 9 / 2 / 2025 )
الذي يمر على هذا التصريح يظن بأن الاتفاق الجديد- القديم ، سوف يتم وفق هوى إيران و رغبتها أو حتى شروطها ، و قد تجاهلت تنازلها بسهولة عن أذرعها الممتدة بعد قطعها من أجل إيران أولا و من بعدها الطوفان الذي طالها في عقر دارها ! 
هناك بوادر إيرانية للتفاوض النووي مع واشنطن ، تؤشر 
على التجاوب مع مبادرات ترامب الديبلوماسية .
نقل موقع " أكسيوس "( 24 يناير 2025 ) ، عن ديبلوماسيين أوروبيين ، أن إيران طلبت إرسال رسالة إلى واشنطن تعبر فيها عن رغبتها في البدء بالتفاوض ؛ للوصول إلى اتفاق نووي جديد مختلف عن الاتفاق السابق .
وفقا لهذا الخبر فإنه يكشف عن إدراك طهران بأن هناك فرصة لتخفيف الضغوط ، و الدفع باتفاق جديد بشروطها ، بعد تصريحات ترامب بشأن تفضيل الديبلوماسية على الخيار العسكري ( 24 يناير 2025 ) ، مع ضرورة تجنب التصعيد مع إدارة ترامب ، تفاديا لعودة سياسة الضغوط القصوى ، نظرا لتدهور اقتصادها  .  
حتمية الخيار التفاوضي ، لضيق خياراتها و ضعف نفوذها الإقليمي .
في ظل تأكيد طهران في مفاوضاتها مع " الترويكا " الأوروبية انتظارها خطة أو اقتراحا أميركيا ، و رد الجانب الأوروبي بأن الإقتراح متروك لإيران بشرط تضمنه المزيد من التنازلات النووية . ( أكسيوس 23 يناير 2025 ) 
يرجح ؛ انسداد مرحلي للتفاوض لغياب توافق الأطراف على الطرف المبادر بالخطوة الأولى ، و رفض طهران تقديم تنازلات جوهرية . (  مركز الإمارات للبحوث و الدراسات الاستراتيجية - 27 / 1 / 2025 )

المرشد .. و الضوء الأخضر!

هناك حقيقة سياسية في نظام الحكم الإيراني ، و هي أن المرشد في صلب النظام يملك كل تفاصيل إدارة الدولة ، و ليس لأي مسؤول صلاحية اتخاذ القرارات باستقلالية أو بالإنابة ، في مسألة " النووي " أو أي قضية أخرى طارئة أو مستمرة . 
" خامنئي " يوافق على مقترح مقدم من الرئيس الإيراني بإجراء "مفاوضات مباشرة" مع "واشنطن" ، و لم يمانع بعدم فصل الملفات خلال أيّ مفاوضات مع "واشنطن" ومناقشتها  .
اتفاق بين "خامنئي" و"بزشكيان" على إعطاء ضوء أخضر لدولة عربية إذا أردات التحرك لفتح مفاوضات بين "طهران" و"واشنطن" ( سكاي نيوز عربية -28 / 1 / 2025 ) 
لا نعرف السر في خطاب الرئيس الإيراني " الحنجوري " ، من بعد الضوء الأخضر للمضي قدماً نحو التفاوض و إن طال مداه و ملأ صداه كافة أرجاء المعمورة ؟!
صرح الرئيس الإيراني قوله بأن : 
الرئيس الأميركي  يدعم القتلة ويحميهم من محكمة الجنائية الدولية ، نحن قادرون بوحدتنا على حل كل مشاكلنا والتصدي للولايات المتحدة .
و إذا كانت الولايات المتحدة صادقة بشأن المفاوضات مع "طهران" فلماذا فرضت العقوبات ، لن نقع في فخ المؤامرات التي يخطط لها العدو ضدنا ( 10 / 2 / 2025 )
مساع إيرانية لتأطير السياسات التفاوضية مع واشنطن:
صرح وزير الخارجية الإيراني ( 2025 / يناير / 28 ) ،بأن اقناع بلاده بالمفاوضات مع واشنطن يتطلب وقتا أطول مقارنة بالماضي ، و على الأخيرة اتخاذ خطوات جادة لكسب ثقة إيران ، و أشار إلى وجود " معركة داخلية " بشأن الإنسحاب من معاهدة حظر الانتشار .

رسائل.. ردعية !

تكشف التصريحات السعي إلى  : 
الضغط لكسب ضمانات لملفات عدة محتملة ، منها تأمين منشآتها النووية كونها إحدى أهم أوراقها التفاوضية المتبقية ( عراقجي  : مهاجمة واشنطن و تل أبيب المنشآت  ستكون كارثية ) .
الدفع لاتخاذ واشنطن الخطوات الأولى في مسار التفاوض لبناء الثقة مع طهران .
إيصال رسائل ردعية، بالنظر لقرب تقديم مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرا شاملا عن أنشطة طهران النووية ( مارس 2025 ) , ما قد يمهد لرفع ملفها النووي لمجلس الأمن . 
نظرا لامتناع واشنطن ( يناير 2025 ) عن انتقاد إيران في الدورة 48 لمجلس حقوق الإنسان ، يتوقع اتخاذ الطرفين خطوات بناء ثقة مبدئية و الانخراط في التفاوض، و تقريب وجهات النظر، و ربما تقدم طهران تنازلات  محدودة إذا وافقت واشنطن على تأمين منشآتها و قدراتها النووية الإستراتيجية . ( مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية - 29 / 1 / 2025 ) 
دلالات زيادة إيران اشتراطاتها لبناء الثقة : 
صرح وزير الخارجية الإيراني في ( 31 يناير 2025  ) , بان اقناع بلاده في المفاوضات مع واشنطن قد يتطلب خطوات جديدة لإعادة بناء الثقة , كالإفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة ، و أكد على موقف بلاده بأن ردها سيكون حاسما و فوريا إذا ما استهدفت منشآتها النووية.
تشير هذه التصريحات إلى محاولة طهران :
إرجاء الخطوات الأولى لبناء الثقة ، و تحميل واشنطن مسؤوليتها ، في ظل عودة ترامب للحكم ، و هو الذي انسحب من الاتفاق النووي .( 2018 )
توسيع ملفات التفاوض  ( الأموال المجمدة)  ، في ظل الخسائر الاقتصادية بإيران بسبب العقوبات ، ( كشف " عاملي " الأمين العام السابق للمجلس الأعلى للثورة الثقافية  (29 يناير 2025 ) أن خسائر بلاده منذ 2012 بلغت 1.2 تريليون دولار أميركي بسبب العقوبات) . 
إيصال رسائل ردع في ظل التقارير المتزايدة حديثا عن ضعف قدراتها العسكرية و نفوذها الإقليمي.
في ظل تبنى البلدين سياسة  " الضغوط مقابل الضغوط " ، يتوقع ربط إيران إبداء أي مرونة في المفاوضات النووية بخطاب الإدارة الأميركية ، و قد تسعى لتفعيل دور دول إقليمية لتقديم وساطات بين البلدين . ( مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية- 2 / 2 / 2025 )

ترامب : طهران صفقة كبرى!

لدى " ترامب " فرصة للتفاوض على صفقة كبرى مع " طهران "
إبداء النظام الإيراني اهتمامه باتفاق نووي جديد، في إطار حاجته الماسة إلى تخفيف العقوبات لكبح التدهور الاقتصادي، يمنح الولايات المتحدة فرصةً تاريخية للتفاوض على صفقةٍ كبرى يُمكِن أن تُعيد تشكيل الشرق الأوسط.
من أجل تقليل تهديدات "«طهران» المتجددة وتعزيز المصالح الأميركية في الأمد البعيد، يجب على إدارة «ترامب» ضمان أن أيَّ صفقةٍ جديدة تتضَّمن أحكامًا تحمي وتُمكِّن نشطاء المجتمع المدني.
الدعم الأميركي الصريح للمجتمع المدني الإيراني الذي يعارض بشدة سياسات النظام الإقليمية و موقفه المناهض للغرب يُمكن أن يؤدِّي دورًا حاسمًا في توجيه «طهران» نحو تقاربٍ أكثر جدوى واستدامة مع «واشنطن».
حتى إذا رفضت «طهران» هذه الصفقة، فإن ضغط «واشنطن» لتأمين شروطٍ تُركِّز على تمكين المجتمع المدني، من شأنه أن يُقوِّض المُتشدِّدين داخل النظام، ويُعزِّز موقف المحتجِّين من خلال توحيدهم ومنحهم آليةً لصياغة مطالبهم الخاصة. (  إيسنر مابكل  12 / 2 / 2025 - فورن بوليسي ) 
رفع قيمة " المجتمع المدني " و إعادة دوره الحقيقي إلى سلم أولويات التغيير الإيجابي في إيران يصب في مصلحة الطرفين . 
لأن كل المجتمعات المتقدمة ، المدنية سر عظمتها لأنها تقترب من الفطرة الإنسانية السليمة و هي أحد نظريات ابن خلدون صاحب العمران البشري عندما أقر بأن الإنسان مدني بطبعه منذ أكثر من سبعة قرون .

سيل  .. العقوبات!

رغم المشاورات و المحاولات الأميركية لاستئناف الإتفاقية النووية ، إلا أن سيل العقوبات لا زالت تقطع أواصر المحبة المرتقبة بين البلدين ، و هذا القرار من أحدثها ، و على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس قولها بأن : الولايات المتحدة لن تتسامح مع سلوك إيران المدمر والمزعزع للاستقرار، وهي اليوم تفرض عقوبات على شبكة دولية تقوم بتحويل الإيرادات غير المشروعة إلى الجيش الإيراني. وقد تم تصنيف هذه الشبكة وإدراجها على قائمة العقوبات لقيامها بتسهيل شحن ملايين البراميل من شحنات النفط الإيراني غير المشروعة إلى الصين لتمويل هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية من خلال الشركة الواجهة التابعة لها ‘ [Sepehr Energy]. وتدعم عائدات هذه المبيعات الجماعات الإرهابية والعميلة.
بالإضافة إلى ذلك، تستهدف الولايات المتحدة سفن الأسطول الظل وشركات الإدارة التي قامت بنقل النفط الإيراني، مما ساعد قدرة إيران على تعزيز الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
سنعمل على تعطيل تدفقات التمويل غير المشروعة التي تمول القوات المسلحة الإيرانية والجماعات الإرهابية، مثل حماس وحزب الله. وسنستخدم كل الأدوات المتاحة لنا لمحاسبة النظام على أنشطته المزعزعة للاستقرار وسعيه للحصول على أسلحة نووية تهدد العالم المتحضر.
إن الإجراء الذي تم اتخاذه يجري تنفيذه بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدلة، والذي يمنح سلطة فرض عقوبات مكافحة الإرهاب، والأمر التنفيذي رقم 13902، الذي يمنح وزير الخزانة، بالتشاور مع وزير الخارجية، سلطة تحديد وفرض عقوبات على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني.  ( وزارة الخارجية الأميركية- 6 فبراير 2025 )

" القائمة.. السوداء " ؟!

تتعامل أميركا مع الملف " النووي الايراني " بمعزل عن القضايا الأخرى التي تواجه إيران و على رأسها " الإرهاب " ، ليس هناك تشبيك ، بل تفتيت و تجزيء !
و هاكم أمر " القائمة السوداء "
أميركا  ترحب ببقاء إيران ضمن القائمة السوداء لـ"FATF": ففي 
آخر اجتماع لـ"مجموعة العمل المالي"، تم تأكيد استمرار بقاء إيران في القائمة السوداء؛ بسبب عدم تنفيذ "اتفاقيات باليرمو" واستمرار تمويل الإرهاب ،  و ستظل الإجراءات المضادة ضد إيران سارية وفقًا لمعايير "مجموعة العمل المالي" 
حيت رحب وزير الخزانة الأميركي من جانبه بالقرار، وأكد خطورة تمويل الإرهاب من قبل إيران ، و وضعها في هذه القائمة يفرض قيودًا شديدة على تعاملاتها المالية الدولية ، علما بأن إيران وميانمار وكوريا الشمالية هي الدول الوحيدة في القائمة السوداء حاليًا (  إيران أنترناشيونال - 23 / 2 / 2025 ) 
معوقات محتملة للوساطة الروسية بين طهران و واشنطن : 
في إطار الجهود الإقليمية والدولية للتوسط في ملف طهران النووي ، كشفت وكالة " بلومبيرغ " ، نقلا عن مصادر مطلعة ، موافقة بوتين على التوسط  بين الولايات المتحدة وإيران ( 4 مارس 2025 ) , لتشمل وساطته " أنشطة طهران النووية ، و دعمها للنفوذ الاقليمي " .
تتمثل التحديات  التي قد تواحه الوساطة الروسية في الآتي : 
تحفظ الداخل الإيراني على الدور الروسي ، استنادا إلى تراكمات تاريخية ، ما يثير الشكوك حول دوافع موسكو و مدى اتساقها مع تأمين مصالح إيران الإستراتيجية ، و مقبوليتها كطرف محايد ، خاصة مع وجود بوادر تقارب أميركي روسي مؤخرا.

المجتمع المدني .. شريك

تعقيد المواقف بين طهران و واشنطن ، ما يمثل عقبة دون إيجاد أرضية مشتركة بين الطرفين، و يعززه استمرار الولايات المتحدة في فرض العقوبات على إيران، و رفع الأخيرة شروطها ، بما في ذلك رفض التفاوض تحت الضغوطات ، و صعوبة احتواء طموحاتها الاقليمية .
انطلاقا من ترافق الوساطة الروسية مع تحديات عديدة ، يتوقع توجه طهران لإفساح المجال  لوساطات أخرى بجانب روسيا ، تحسبا من عجز موسكو عن ضمان مصالحها الإستراتيجية ، و هو ما يرتهن بقدرة الأخيرة على ضمان موقفها التفاوضي مع الولايات المتحدة. ( مركز الامارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية - 5 / 3 / 2025 ) 
لو نحينا شأن الوساطات جانبا و لو قليلا ، هناك من يرى إشراك " المجتمع المدني " في إيران باتجاه الحلحلة من أجل الحصول و الوصول إلى " صفقة كبرى " 
لدى " ترامب " فرصة للتفاوض على صفقةٍ كبرى مع «طهران» 
إبداء النظام الإيراني اهتمامه باتفاق نووي جديد ، في إطار حاجته الماسة إلى تخفيف العقوبات لكبح التدهور الاقتصادي ، يمنح الولايات المتحدة فرصةً تاريخية للتفاوض على صفقةٍ كبرى يُمكِن أن تُعيد تشكيل الشرق الأوسط .
من أجل تقليل تهديدات " طهران "المتجددة و تعزيز المصالح الأميركية في الأمد البعيد، يجب على إدارة «ترامب» ضمان أن أيَّ صفقةٍ جديدة تتضَّمن أحكامًا تحمي وتُمكِّن نشطاء المجتمع المدني.
الدعم الأميركي الصريح للمجتمع المدني الإيراني ، الذي يُعارض بشدة سياسات النظام الإقليمية وموقفه المُناهض للغرب، يُمكن أن يؤدِّي دورًا حاسمًا في توجيه «طهران» نحو تقاربٍ أكثر جدوى واستدامة مع «واشنطن».

الدولة .. الطبيعية

حتى إذا رفضت " طهران " مثل هذه الصفقة ، فإن ضغط «واشنطن» لتأمين شروطٍ تُركِّز على تمكين المجتمع المدني، من شأنه أن يُقوِّض المُتشدِّدين داخل النظام، ويُعزِّز موقف المحتجِّين من خلال توحيدهم ومنحهم آليةً لصياغة مطالبهم الخاصة. 
( 12 /  :2 / - 2025  - فورين بوليسي - مايكل إيسنر ) 
عندما يتصدر المجتمع المدني المشهد في إيران ، فإن الوضع الداخلي سوف يتغير لصالح إيران الدولة الطبيعية ، و البعيدة عن حمولات المذهبية أو الطائفية ، فالعالم سيرحب بها و سيرفع من مقامها بين الأمم و الشعوب قاطبة ، فقيمة إيران الحقيقية في حضارتها العميقة ، و ليس صراعها العقيم على الخول في " النادي النووي " ؟!
رغم انفتاح أميركا على المحادثات النووية مع إيران ، إلا أن سلاح العقوبات لم تتوقف ضدها ، 
المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس صرحت بأن :  الولايات المتحدة لن تتسامح مع سلوك إيران المدمر والمزعزع للاستقرار، وهي اليوم تفرض عقوبات على شبكة دولية تقوم بتحويل الإيرادات غير المشروعة إلى الجيش الإيراني. 
وقد تم تصنيف هذه الشبكة وإدراجها على قائمة العقوبات لقيامها بتسهيل شحن ملايين البراميل من شحنات النفط الإيراني غير المشروعة إلى الصين لتمويل هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية من خلال الشركة الواجهة التابعة لها ’‘ [Sepehr Energy]. وتدعم عائدات هذه المبيعات الجماعات الإرهابية والعميلة.
بالإضافة إلى ذلك، تستهدف الولايات المتحدة سفن الأسطول الظل وشركات الإدارة التي قامت بنقل النفط الإيراني، مما ساعد قدرة إيران على تعزيز الأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة.
سنعمل على تعطيل تدفقات التمويل غير المشروعة التي تمول القوات المسلحة الإيرانية والجماعات الإرهابية، مثل "حماس وحزب الله "  

تقدم خطوة.. تأخر خطوات !

وسنستخدم كل الأدوات المتاحة لنا لمحاسبة النظام على أنشطته المزعزعة للاستقرار وسعيه للحصول على أسلحة نووية تهدد العالم المتحضر.
إن الإجراء الذي تم اتخاذه يجري تنفيذه بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، بصيغته المعدلة، والذي يمنح سلطة فرض عقوبات مكافحة الإرهاب، والأمر التنفيذي رقم 13902، الذي يمنح وزير الخزانة، بالتشاور مع وزير الخارجية، سلطة تحديد وفرض عقوبات على قطاعات رئيسية من الاقتصاد الإيراني. ( وزارة الخزانة الأميركية- 6 / 2 / 2025 ) 
و لم تتوقف أميركا عن الاستمرار في هذا النهج حتى بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على الوساطات في المفاوضات النووية التي تتقدم خطوة و تتأخر خطوات أخرى نحو المزيد من التعقيد .
وزارة الخزانة الأميركية: فرض مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية عقوبات على ستة أفراد و12 كيانًا لدعمهم برنامج إيران للصواريخ الباليستية و تشمل العقوبات كيانات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، شاركت في تصنيع ونقل مواد ألياف الكربون اللازمة لتطوير الصواريخ محليًا .
حيث أكدت الولايات المتحدة بأنها ستواصل التصدي لمساعي إيران لتطوير قدرات صاروخية تهدد الأمن الإقليمي والدولي ، و تشمل العقوبات تجميد الأصول وحظر التعامل مع الأشخاص والكيانات المدرجة، مع تحذير من عقوبات ثانوية للمخالفين ( 15 / 5 / 2025 ) 
لا يمكن معرفة وقت معين لإنهاء هذا السجال حول النووي الإيراني الذي طال العهد به و لم يتم الوعد و لا موعد الوصول إلى خط النهاية ؟!
البيت الأبيض ردًا على رفض إيران دعوة "ترامب" للمفاوضات : يمكن التعامل مع طهران عسكريًا أو من خلال إبرام اتفاق ، و نأمل أن تضع إيران شعبها ومصالحها العليا فوق الإرهاب  . (  سكاي نيوز عربية - 9 / 3 / 2025 )

المناورة .. المحسوبة

أمريكا ذاتها تدرك تماما ، بأن التلويح بالحرب مرة و بضرورة التوصل إلى حل وسط يرضي الطرفين ، نوعا من المناورة المحسوبة منذ عقود طويلة ، فما الحاجة الآن إلى هذا التهديد الذي لا محل له من الإعراب السياسي ، و خاصة و أن الوسطاء ينتقلون من دولة إلى أخرى من أجل السلم العالمي و ليس الإقليمي فحسب! 
يبدو أنه في الوسط تدور أحداث لعبة سياسية بتنفيذ  " لعبة الأمم " السابقة ، هذا ما ذكره موقع نور نيوز الإيراني : طائرة تجسس  أميركية ابتعدت عن المجال الجوي الإيراني بعد أن اعترضتها مقاتلات إف-14 إيرانية . (  سكاي نيوز عربية - 18 / 3 / 2025 )
إن كانت هذه لعبة ل  " الضغط " على إيران ، فهي أصبحت خبيرة في الإلتفاف على العقوبات و كذلك تجنب آثار " الضغوط " بتحويل هذا الصراع نحو تهديد " الأمن القومي " . 
رئيس المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية التابع لوزارة الخارجية الإيرانية، يقول :  إن إيران لم تغلق كل الأبواب. وهي مستعدة لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع الولايات المتحدة لتقييم الطرف الآخر، وذكر شروطها الخاصة، واتخاذ القرار المناسب، ناصحًا "ترامب" والمسؤولين  الأميركيين الجدد بقبول مبادئ المساواة والاحترام المتبادل وتجنُّب التهديدات والضغوط، بدلًا من تكرار الأخطاء السابقة  . (  وكالة أنباء  " إيرنا " الإيرانية - 27  / 3 / 2025 ) 
الآن حان دور الوساطة العمانية الذي جاء صراحة على لسان وزير الخارجية الإيراني، يعلن أن رد إيران الرسمي على رسالة ترامب،  قد تم إرساله بالطريقة المناسبة عبر سلطنة عُمان ، حيث أكد على أن : "سياستنا لا تزال تتمثل في عدم خوض المفاوضات المباشرة في ظل ظروف الضغوط القصوى والتهديدات العسكرية، لكن المفاوضات غير المباشرة، كما كانت موجودة في الماضي، يمكن أن تستمر" ( وكالة أنباء  " إيرنا " الإيرانية - 28 / 3 / 2025 )
لا بد من معرفة النظام الإيراني ، بأن الماضي لا يمكن أن يعكس صورة الحاضر بكل تفاصيله و مستجدات تحدياته .
على ايران في الوقت الراهن  ترك تترك الماضي بكل إرهاصاته خلفها ، حتى  يمكن الخروج من شرنقة المفاوضات إلى سعة الصدر في التعامل مع مشروع السلام الآمن من المنغصات ؟!

النكث .. بالعهد !

نعود إلى وزير الخارجية الإيراني ، لنفهم ماذا يريد في هذه المرحلة المختلفة عن سابقتها حيث يقول بأن : تجربة الاتفاق النووي أثبتت عدم التزام "واشنطن" بتعهداتها ولن نسمح بتكرار النكث بالعهد ، و  لن نتخلى عن التفاوض لكننا لا نرغب فيه مع دولة تقوم بالتوقيع على عقوبات جديدة ، و كذلك رفع العقوبات يتطلب التفاوض لكن ليس تحت الضغوط القصوى ولن نجلس لطاولة تفاوض بهذه الطريقة ( 9 / 2 / 2025 )
خطاب  فيه كل الرسائل المتناقضة و المتصادمة ، لا نعرف من خلالها ما هو المقصود و المطلوب بالضبط ، نعيد ما صرح به وزير الخارجية من البداية ، يقول  : لن نسمح بتكرار النكث بالعهد ! كيف تفعل إيران ذلك مع أميركا ، بمعنى كيف تستطيع إيران على إجبار أميركا للوفاء بإلتزاماتها السياسية تجاه " النووي " ، في الوقت الذي لم تقدر إيران على إثبات صحة مزاعمها و نيتها في عدم انتاج السلاح النووي ، و قد عبرت عن ذلك مرارا و تكرارا على أنها أقرب الآن إلى انتاج قنبلة نووية في غضون أشهر ؟!
بالمقابل يقول : لن نتخلى عن التفاوض لكننا لا نرغب فيه ؟!
كيف يجتمع " لن " مع " لا " في مكان واحد ، للتوصل إلى اتفاق يرضي الطرفين و العالم معهما ؟!
و يقول أخيرا فإن : رفع العقوبات يتطلب التفاوض و لن نجلس على الطاولة !
إن هذا النوع من الخطاب المتضارب ، لصالح من في نهاية هذا المسلسل " المكسيكي " عن " النووي الإيراني " ؟!
كلما ماطلت إيران في عدم التوصل إلى اتفاق يرضي العالم من حولها ، تراكمت عليها " ديون " الأحداث الجارية في المنطقة 
يقول ترامب  : إن "أمورًا سيئة" ستحدث لإيران إذا فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن برنامجها النووي، وأشار إلى اهتمامه بمراقبة تقارير حول استخدام طائرات مسيّرة إيرانية في أوكرانيا. وأضاف أنه يركز على إيران كأولوية في اهتماماته الحالية  . (  الشرق الأوسط - 29 / 3 / 2025 )

" دبلوماسية.. الرهائن " !

ما أكثر الملفات التي تفتح في وجه إيران مع إطالة أمد  " الفراغ " السياسي الذي يتم اللعب فيه و لكن بلا طائل !
تداخلت خطوط الطول و العرض في وضع إيران ، فما لها و لأوكرانيا حتى تدس أنفها في ذلك الوحل ، بعد أن تم قص أجنحتها في مختلف مناطق نفوذها ! 
ماذا بعد تدخل إيران في الشؤون الداخلية الأوكرانية ؟!
لم تصل المفاوضات إلى البر بعد و قد فتّحت على إيران نوافذ سوف تشغلها عن إغلاق الباب الرئيس ل " النووي " !
دخلت بريطانيا عرضا على إيران عندما وجهت الشرطة البريطانية اتهامات لثلاثة إيرانيين بارتكاب جرائم متعلقة بالإرهاب بموجب قانون الأمن القومي ، و وزير الخارجية الإيراني أبدى انزعاجه من اعتقال مواطنين إيرانيين في بريطانيا  . (  قناة فرانس برس 24 - 17 / 5 / 2025 )
و من ناحية أخرى فرنسا تشكو إيران أمام محكمة العدل الدولية حيث أعلنت الخارجية الفرنسية (16 / مايو / 2025 ) رفع دعوى ضد إيران بسبب احتجاز الفرنسييْن "سيسيل كولر" و"جاك باريس" منذ مايو 2022.  ، باريس تتهم طهران بـ"تعذيب" المحتجزيْن وانتهاك اتفاقية "فيينا"، وسط فشل المساعي الدبلوماسية للإفراج عنهما ، و قد بثَّ التلفزيون الإيراني اعترافات بالتجسس للمحتجزيْن ، تنفيها باريس باعتبارها "تهمة سياسية". 
" دبلوماسية الرهائن" الإيرانية
منظمات حقوقية كـ"هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية" تتهم إيران باحتجاز الأجانب ومزدوجي الجنسية لأهداف تفاوضية.
لقد  أدان البرلمان الأوروبي في يناير 2025 هذه الممارسة الإيرانية، وطالب بالإفراج عن المحتجزين الأوروبيين، ومنهم "كولر" و"باريس" ، و هذا النمط من الاحتجاز ثم التفاوض تكرر في صفقات تبادل سابقة مع بريطانيا والولايات المتحدة.

" استراتيجية.. إبتزاز " !

جاء توقيت توظيف القانون الدولي ضد إيران بعد ما عيَّن مجلس حقوق الإنسان مقررًا خاصًا لإيران منذ 2011، وأنشأ بعثة مستقلة لتقصي الحقائق بعد احتجاجات 2022. 
هذا و قد سبق لمحكمة العدل الدولية إدانة إيران في قضية احتجاز موظفي السفارة الأميركية(1979).
المفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمات حقوقية دولية توثق في تقارير دورية الانتهاكات في إيران، وتنتقد رفض طهران التعاون مع التحقيقات الأممية. 
و نستنتج من ذلك بأن احتجاز المواطنيْن الفرنسييْن يندرج ضمن نمط ممنهج من احتجاز مواطنين غربيين، فيما يُعتبر "استراتيجية ابتزاز" تستخدمها طهران كورقة ضغط لانتزاع تنازلات سياسية أو اقتصادية. 
و لكن مسار الدعوى قد يمتد لسنوات، دون امتثال إيران رغم عضويتها واعترافها بالاختصاص الإلزامي لمحكمة العدل الدولية، وذلك نظرًا لوجود سوابق من الرفض الإيراني للتعاون مع المنظمات الدولية. (  مركز الإمارات للبحوث والدراسات الإستراتيجية - 17 / 5 / 2025 ) 
لا زال الخطاب الإيراني يعاني من بث رسائل سياسية مضادة ، فهذا تصريح  لاريجاني، المستشار المقرب لـ"المرشد الإيراني" يقول : 
إذا ارتكبت "واشنطن" خطأً استراتيجيًا تجاه النووي الإيراني فستجبرنا على اتخاذ مسارات أخرى ، و  " طهران" لا تسعى إلى امتلاك سلاح نووي، لكن "لن يكون أمامها خيار سوى القيام بذلك" في حال تعرضها لهجوم .
أما " ترامب" فلن يدخل الحرب إلا إذا أراد المقامرة بجيشه، واحتمال الحرب لا يزال ضعيفًا ، و محتوى رسالته لا يختلف عن تصريحاته لكنها كانت بـ"لغة دبلوماسية" (العربية  - 1 / 4 / )2025
ترى ما المسارات الأخرى التي لم تتخذها إيران تجاه الولايات المتحدة الأميركية بعد و لم تبق غامضة إلى متى ؟!

أمة .. عظيمة !

طهران لا تسعى ل" النووي " ، و لكن عند الهجوم عليها لا خيار لديها ؟!
ترامب لن يدخل الحرب و تصريحاته " دبلوماسية " ،  إلى أي مدى  ينقذ إيران من إزدواجية الطرح في موضوع أقام العالم على رجليه و لم يقعد بعد ليرتاح من هذا الصداع المزمن ؟! 
دعني أعتبر الوضع القادم هو مجرد " كذبة إبريل " سياسية لأنه صادف الأول من شهر إبريل المنصرم ، نشعر بأن إسرائيل واد و أميركا في واد آخر تحث بها الخطى نحو مفاوضات مكوكية و جولات متتالية ، في وسط هذا الزحام نحو السلام و الاستقرار ، تعترض إسرائيل هذا الطريق الذي يمهد للأمن في المنطقة و العالم كله .
تستعد "إسرائيل" منذ فترة لاحتمال قيام "إيران" بهجوم استباقي، وتكثّف جهودها الدفاعية تحسّبًا لأي سيناريو مفاجئ ، و تتعامل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية بجدية مع تصاعد التهديدات بين "طهران" و"واشنطن"، رغم أن التقديرات تشير إلى أن "إيران" قد تستهدف مواقع  أميركية .
و قد فرضت قيادة سلاح الجو الإسرائيلي حظر مغادرة على عناصرها من القواعد الجوية، في ظل ارتفاع مستوى التوتر مع "إيران" إلى مرحلة توصف بأنها "أكثر خطورة" ، و تشير تقديرات إسرائيلية إلى احتمال تنفيذ هجوم واسع النطاق ضد "إيران" قريبًا، قد يُعد الأكبر من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية .
وصل في ذات الوقت إلى "تل أبيب" الجنرال "مايكل كوريلا"، قائد "القيادة المركزية الأميركية "، حيث التقى رئيس الأركان الإسرائيلي "إيال زامير" في مقر وزارة الدفاع، ضمن جهود تعزيز التنسيق الأمني بين الجانبين ( 1 / 4 / 2025 )
و ها قد مر على تلك الخطوة " شبه الحربية " قرابة الشهرين من ذلك التفخيم و التهويل غير مبرر و أن أميركا ترامب في الواجهة و هو يسعى جاهدا إعادة السلام إلى المنطقة و قد وصف إيران بعد انتخابه بأنها أمة عظيمة ، تستحق أن تنعم بالاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي .

وساطات .. و تهديدات ؟!

من ناحية نجد آلة الوساطات السياسية ماضية في تحقيق تقدم جزئي ، بالمقابل وزير الدفاع الأميركي يأمر بنشر طائرات حربية إضافية؛ لتعزيز الأصول البحرية في الشرق الأوسط  ، و الولايات المتّحدة سترفع عدد حاملات طائراتها المنتشرة في الشرق الأوسط إلى 2 و سنتخذ إجراءً حاسمًا إذا قامت إيران أو وكلاؤها بتهديد أفرادنا ومصالحنا بالشرق الأوسط (وزارة الدفاع الأميركية - 2 / 4 / 2025 ) 
هذا الأسلوب هو ما تسميه إيران بأنها لن ترضخ تحت تلك التهديدات ، خاصة بعد موافقتها للجلوس حول طاولة المفاوضات الجارية على قدم وساق ، إسرائيل فقط تريد أن يلتف الساق بالساق ، لكي تساق المنطقة برمتها إلى " المذبح " الذي لا ترغب و لا تريد الوصول إليه ، بعد مضي هذه السنوات " العجاف " من المفاوضات الشاقة و لم يصدق  العالم بأن ترامب يريد العودة إليها من جديد لتحقيق الهدف المنشود من السلام العالمي و الاستقرار الإقليمي . 
لقد أكد مسؤول  أميركي  ما ذهبنا إليه عندما صرح بأن : البيت الأبيض يدرس بجدية اقتراحًا إيرانيًا بإجراء محادثات نووية غير مباشرة، وفي الوقت نفسه تعزيز القوات الأميركية في الشرق الأوسط بشكل كبير في حال قرر "ترامب" توجيه ضربات عسكرية ( أكسيوس - 2 / 4 / 2025 )
خطان مختلفان ، قد لا يؤديان لاتفاق يرضي الطرفين العالمي و الإقليمي ، في حال نشوب أي صراع سياسي ، يحشد من ورائه جيوش جرارة لا يستطيع الطرف الآخر اتخاذ القرار السليم ، فيضطر للمماطلة و التسويف أو الخروج من المفاوضات و تحمل المسؤولية أو النتائج المترتبة على هذا الموقف الذي يتم تسخينه كلما اقتربت المفاوضات من الحل السياسي ، خاصة من قبل إسرائيل الجائعة للحروب التي تقتات عليها منذ التأسيس ؟!

عقوبات.. جديدة ؟!

نظرا لخطورة هذا الوضع حذرت فرنسا من مواجهة عسكرية بين أميركا وإيران عن طريق وزير خارجيتها في حال فشَل المفاوضات بشأن برنامج طهران النووي ، فرنسا تسعى لإيجاد اتفاق جديد لكبح أنشطة طهران لتخصيب اليورانيوم بحلول الصيف، قبل انتهاء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 في أكتوبر   ، و  2025 ، ماكرون أيضا ، عقد اجتماعًا سريًا نادرًا مع وزراء وخبراء مهمين لمناقشة الملف الإيراني .
القوى الغربية، وفي مقدّمتها الولايات المتّحدة، ترى أن برنامج إيران النووي يخفي جهودًا لتطوير قنبلة ذرية، بينما تنفي طهران ذلك وتؤكد أنه لأغراض مدنية .
تلويح الولايات المتحدة وإسرائيل بخيارات عسكرية في حال فشَل التوصُّل لاتفاق سريع، وزيادة واشنطن من تعزيزاتها العسكرية في الشرق الأوسط .
فرْض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات ضد 6 كيانات وإيرانيين اثنين ، و تخطيط الاتحاد الأوروبي لفرْض عقوبات جديدة على إيران بسبب احتجاز مواطنين أجانب .
تأكيد وزير بريطاني خلال اجتماع لمجلس العموم أن تفعيل آلية الزناد (إعادة العقوبات) ضد إيران قيد الدراسة .
هذه التحذيرات الفرنسية تعكس مخاوف أوروبية من تصعيد عسكري محتمل بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل ، مع تضاؤل فرص الدبلوماسية أمام إبرام اتفاق جديد يزيد احتمالية المواجهة العسكرية ، لذا المواجهة مع إيران ستؤدي إلى تأثيرات إقليمية واسعة النطاق . (  مركز البحوث والدراسات الاستراتيجية - 2 / 4 /  2025 ) 
بدأ سيل التراشق بين بريطانيا و إيران على تلك الخلفية، عندما استدعت وزارة الخارجية الإيرانية القائم بالأعمال البريطاني في طهران على خلفية اعتقال رعايا إيرانيين في بلاده وما وصفته بأنه "مزاعم كاذبة" من جانب بريطانيا ضد الجمهورية الإسلامية (  رويترز  - 19 / 5 / 2025 )

زوبعة.. في فنجان!

كل هذه الزوبعة في فنجان " الحرب " المتوهمة " أو المفترضة ، من الطبيعي أن يقابلها ردة فعل نقلها مسؤول إيراني  قوله بأن : إيران أمرت قواتها 
بالخروج من اليمن، متخليّة عن "الحوثيين"، وذلك لتجنب المواجهة مع الولايات المتحدة ، و قلصت استراتيجيتها القائمة على دعم شبكة من الوكلاء الإقليميين، مُركزةً بدلًا من ذلك على التهديدات المباشرة من الولايات المتحدة ، فأصبح الشغل الشاغل 
لـ"طهران" حاليًا هو كيفية التعامل مع " ترامب" ( ذا تلغراف - 3 / 4 / 2025 ) 
أي " ترامب "  اليوم ، أم الأمس ، الإجابة عند مسؤول أميركي في قوله بأن : ترامب تلقى رداً رسمياً من إيران على الرسالة التي بعث بها إلى المرشد الإيراني ( و ليس الرئيس ) !
و ادارته تعتقد أن المحادثات المباشرة ستكون أكثر نجاحاً لكنها لا تستبعد الصيغة التي اقترحها الجانب الإيراني . 
فواشنطن لا تعارض قيام العمانيين بدور الوساطة بين البلدين كما فعلت في وقت سابق  
لم يتم اتخاذ أي قرار والمناقشات الداخلية جارية ويتم استكشاف الخطوات التالية لبدء المحادثات وبناء الثقة مع الإيرانيين وفي الوقت نفسه يتواصل حشد القوات في المنطقة  . (  أكسيوس  - 4 / 4 / 2025 )
لا زال الموقف من هذا الصراع " المدوش " مثل الرصاصة التي إذا لم تقتل " تدوش " كم يملك العالم من الطاقة السمعية غير النووية لتحمل هذا " التدويش " لسنوات مقبلة ؟! 
بين الإذن للوسيط العماني ، المضي في أداء دوره التاريخي و لفترتين من رئاسة ترامب، لعل النجاح يكون هو الحليف الأكبر في الطريق الوعر !
و ترامب إلى الآن مذبذب الهوى ، لم يثبت بعد لا مع هذا و لا مع ذاك، فالمفاوضات ستمضي مع وجود التحديات الصعبة، و الجنود تجري نحو الاحتشاد ، طرف يشد و آخر يرخي و نتمنى أن لا يصاب الطرفين بشد في العضل و لا في عضلات العصب ؟!

الدوران .. حول الذات !

الحوار الرصين مطلوب الآن أكثر من ذاك الزمان ، لأن تغير مرات بعيدا عن نداء الضمير و المنطق ، و أصبح المنطوق غير واضح ، و المفعول مفاجيء لأمهر المحللي 
ماذا يقول الرئيس الإيراني عن هذا الحوار الذي لازال يعاني من علة الدوران حول الذات  : مستعدون للحوار مع أميركا من موقع الندية وليس التهديد ، تهديدات "ترامب" تتناقض مع طلبه للتفاوض ، و 
حِفاظنا على وحدتنا الداخلية سيُفشِل المؤامرات الأجنبية ( 5 / 4 / 2025 ) 
هل تقبل أميركا بأن تكون ندا لها في هذه المرحلة من المفاوضات النووية ، أم أنها ترى نفسها قوة عظمى كل العالم يسعى لكسب و دها ؟! 
فيما يلي نعرج قليلا على بعض ردود الداخل الإيراني لمختلف القوى الفاعلة أمام الموقف الاميركي .
" مواقف مدنية موحّدة": أصدر المئات من النشطاء والأكاديميين الإيرانيين بيانًا موجهًا إلى الأمين العام للأمم المتحدة والمفوّض السامي لحقوق الإنسان، أكدوا فيه وحدة الصف الداخلي، وتصميم إيران على التصدي لـ"الازدواجية الغربية" وتهديدات "ترامب"
"قيادة إصلاحية": صرّح أمين عام "حزب كوادر البناء" الإصلاحي أن المصالح الاقتصادية المشتركة بين طهران وواشنطن قد تشكّل أرضية لانطلاق مفاوضات ثنائية
"تحذيرات أصولية": قال قيادي في "حزب المؤتلفة الإسلامي" إن الظروف الراهنة تختلف جذريًّا عن عام 2015، داعيًا إدارة "ترامب" إلى ضبط خطابها واستراتيجيتها تجاه إيران
أما المستقلين فقد أكدوا على أن 
إدراج الشروط الإيرانية ، وفي مقدّمتها الاعتراف بحقوق إيران النووية، في الحسابات الأميركية ؛ سيُمهّد الطريق نحو استئناف التفاوض
و كذلك الأصوليين استنكروا حديث واشنطن عن "حُسن النية"، مذكّرةً بانسحابها السابق من اتفاقية باريس للمناخ، واتفاقيات نزع السلاح، والاتفاق النووي مع إيران  . (  صحيفة كيهان  و موقع نامه نيوز ، 6 / 4 / 2025 )

اللاءات .. الثلاثة ؟!

عادت الدبلوماسية إلى طاولة المفاوضات النووية ، لكي تلعب دورا مناسبا  للتوصل إلى حل مقبول  لدى الطرفين ، و عدم الخلاف الدبلوماسي جزء هام من سير العملية التفاوضية.
يقول وزير الخارجية الإيراني عن هذا الأسلوب الدبلوماسي : ردنا على رسالة ترامب يتطابق مع مضمونها ويحافظ على فرصة استخدام الدبلوماسية ، و لا معنى للمفاوضات المباشرة مع طرف لدى مسؤوليه مواقف متناقضة ويهدد باستخدام القوة .
نحن ملتزمون بالدبلوماسية ومستعدون لاختبار المفاوضات غير المباشرة ، و مستعدون للتفاوض بشأن برنامجنا النووي ورفع العقوبات على أساس منطق بناء الثقة مقابل رفع العقوبات ، رغم التزامنا بمسار الدبلوماسية لرفع سوء التفاهم وتسوية الخلافات نبقى مستعدين لجميع الاحتمالات الممكنة . (  وكالة " تسنيم " 6 / 4 / 2025 ) 
على الأرض هناك حراك عسكري متزامن مع الحديث الدبلوماسي المطلوب تسويقه لتسوية الخلافات، الولايات المتحدة نقلت إلى إسرائيل بطارية ثانية من نظام "ثاد" للدفاع الصاروخي ، و تعزيز أميركا أنظمة الدفاع الصاروخي في إسرائيل يأتي مع تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران . (  تايم أوف إسرائيل - 7 / 4 / 2025 ) 
و قد صرّح الرئيس الإيراني ، أثناء توجه وزير خارجيته إلى مسقط قائلا بان : إيران لن تصبح مستعمرة للأجانب ، و سنواصل الطريق دون مشاكل وسنحل جميع المشاكل بالحوار ، و لا نسعى إلى الحرب ولن نعتدي على أي دولة ولكننا سنواجه أي اعتداء بقوة ( 9 / 4 / 2025 ) 
إذا لدى إيران في تلك المحادثات لاءات ثلاثة ، لا للاستعمار الأجنبي ,لا للحرب  , لا للاعتداء بالقوة ،  نعم للحوار وسيلة لحل المشاكل ، فهل يمكن أن تمضي المفاوضات وفق هذا المنطق السلس ؟!